الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو أوصى لحملها ) بكذا ( فأتت بولدين ) حيين معا أو مرتبا وبينهما أقل من ستة أشهر ( فلهما ) الموصى به بالسوية بينهما الأنثى كالذكر ، وكذا لو أتت بأكثر ؛ لأنه مفرد مضاف فيعم ( أو ) أتت ( بحي وميت فكله للحي في الأصح ) ؛ لأن الميت كالمعدوم ( ولو قال إن كان حملك ذكرا ) أو غلاما فله كذا .

                                                                                                                              ( أو قال ) إن كان حملك ( أنثى فله كذا فولدتهما ) أي الذكر والأنثى ( لغت ) الوصية لشرطه صفة الذكورة أو الأنوثة في جملة الحمل ، ولو تحصل ولو ولدت ذكرين فأكثر أو أنثيين فأكثر قسم بينهما أو بينهم أو بينهن بالسوية وفي إن كان حملها ابنا أو بنتا فله كذا لا يستحق إلا المنفرد وفارق الذكر والأنثى بأنهما اسما جنس يقعان على القليل والكثير بخلاف الابن والبنت ، ووجه قول المصنف ردا على الرافعي أنه واضح أن المدار في الوصايا على المتبادر غالبا ، وهو من كل ما ذكر فيه فاتضح الفرق ( ولو قال إن كان ببطنها ذكر فله كذا فولدتهما ) أي الذكر والأنثى ( استحق الذكر ) ؛ لأن الصيغة ليست حاصرة للحمل فيه ( أو ولدت ذكرين فالأصح صحتها ) ؛ لأنه لم يحصر الحمل في واحد ، وإنما حصر الوصية فيه ( ويعطيه الوارث ) إن لم يكن وصي وإلا فهو كما هو ظاهر من كلامهم ولا يعارضه ما قدمته في تنبيه في شرح قوله أعطي أحدها أي الكلاب ؛ لأن ذاك فيما قد يتصور فيه ضرر على الوارث لو فوض الأمر للوصي .

                                                                                                                              [ ص: 50 ] وهذا لا يتصور فيه ذلك ؛ لأن الموصى به معين بشخصه ، وإنما التخيير في المعطى له ففوض للوصي ؛ لأن الميت أقامه فيما لا ضرر فيه على الوارث مقام نفسه ، ويقاس بكل من الطرفين ما في معناه ( من شاء منهما ) ولا يشرك بينهما لاقتضاء التنكير هنا التوحيد بخلافه فيما مر في إن كان حملك ؛ لأن قرينة جعله صفة الذكورة مثلا لجملة الحمل يقتضي عدم الوحدة فعمل في كل بما يناسبه أو إن ولدت ذكرا فله مائة أو أنثى فلها خمسون فولدت خنثى دفع له الأقل ووقف الباقي ، وقضية كلامهم هنا أنه لو أوصى لمحمد بن بنته وله بنتان لكل ابن اسمه محمد أعطاه الوصي ، ثم الوارث من شاء منهما ، وبحث بعضهم أنه يوقف حتى يصطلحا ؛ لأن الموصى له معين باسمه العلم لا يحتمل إبهامه إلا في القصد بخلافه هنا يمكن رده بأنه لا أثر هنا لهذا التعيين الناشئ عن الوضع العلمي لمساواته بالنسبة إلى جهلنا بعين الموصى له منهما لذكر فيما قالوه ، وأما كون هذا مبهما وضعا وذاك معين وضعا فلا أثر له هنا ، ويمكن توجيهه بأن عين الموصى له هنا يمكن معرفتها بمعرفة قصد الميت وبدعوى أحدهما أنه المراد فينكل الآخر عن الحلف على أنه لا يعلمه أراده فيحلف المدعي ويستحق وفيما قالوه لا يمكن ذلك وهذا أوجه

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله أنه واضح إلى أن قال فاتضح الفرق ) الإنصاف أنه لا وضوح فيه وما وجه به مجرد دعوى ( قوله [ ص: 50 ] وقضية كلامهم إلخ ) كذا شرح م ر ( قوله وبحث بعضهم إلخ ) كذا شرح م ر



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله حيين معا ) إلى قول المتن ويعطيه الوارث في المغني إلا مسألة الأكثر من اثنين وإلى قول المتن ولو أوصى لجيرانه في النهاية إلا قوله ولا يعارضه إلى المتن ( قوله حيين إلخ ) ذكرين أو أنثيين أو مختلفين ا هـ مغني ( قوله ؛ لأنه مفرد مضاف إلخ ) فيه بحث ؛ لأن هذه الإضافة إنما تفيد العموم في إفراد الحمل كما هو ظاهر أي كل حمل لها سواء هذا الحمل وغيره ، وأما شمول الوصية بجميع ما في بطنها ولو متعددا فإنما جاء من صدق الحمل بجميع ذلك من غير احتياج إلى معونة الإضافة كما لا يخفى فكان الأصوب التعليل بذلك ، وإلا فما اقتضته الإضافة المذكورة لم يقولوا به فتأمل ا هـ رشيدي ( قول المتن لغت ) ومثل ذلك ما لو ولدت خنثى ؛ لأنا لم نتحقق كونه ذكرا ولا أنثى ، أما لو قال إن كان حملك أحدهما فأتت بخنثى أعطي الأقل ؛ لأنه لا يخلو عن كونه أحدهما ع ش ومغني وقوله صفة الذكورة أي في الصيغة الأولى وقوله أو الأنوثة أي في الصيغة الثانية .

                                                                                                                              ( قوله لشرطه إلخ ) عبارة النهاية والمغني ؛ لأن حملها كله ليس ذكرا ولا أنثى ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ولو ولدت ذكرين إلخ ) أي في الأولى وقوله أو أنثيين إلخ أي في الثانية ا هـ مغني ( قوله وفي إن كان حملها إلخ ) أي وفيما لو قال إن كان حملها ابنا فله كذا ، أو قال إن كان حملها بنتا فله كذا فولدت ابنين أو بنتين فلا شيء لهما ، والفرق أن الذكر والأنثى للجنس فيقع على الواحد والعدد بخلاف الابن والبنت ا هـ مغني ( قوله وفارق الذكر والأنثى ) أي فيما لو قال إن كان حملك ذكرا أو أنثى فولدت أكثر من ذكر أو أنثى حيث يقسم ا هـ ع ش ( قوله بخلاف الابن والبنت ) أي فإن كلا منهما خاص بالواحد ا هـ ع ش ( قوله ووجه قول المصنف ) يعني في الروضة وقوله ردا على الرافعي أي في قوله وليس الفرق بواضح ، والقياس التسوية ا هـ رشيدي عبارة المغني قال الرافعي : وليس هذا الفرق بواضح والقياس التسوية ، وتبعه السبكي وقال المصنف بل الفرق واضح وهو المختار أو يمكن حمل كلام الرافعي أنه ليس بواضح من جهة اللغة وكلام المصنف أنه واضح من جهة العرف .

                                                                                                                              وإلا ففي وضوح الفرق كما قال شيخنا نظر ا هـ وعبارة سم قوله إنه واضح إلى أن قال فاتضح الفرق ؛ الإنصاف أنه لا وضوح فيه ومما وجه به مجرد دعوى ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أنه ) أي الفرق واضح مقول قول المصنف وقوله أن المدار إلخ خبر قوله ووجه إلخ وقوله وهو من كل أي والمتبادر من كل إلخ ا هـ رشيدي .

                                                                                                                              ( قوله ما ذكر ) أي استحقاق المتعدد بالتسوية في الأولى وعدم استحقاقه أصلا في الثانية ( قوله وإلا فهو إلخ ) معتمد ، وقضيته أنه يسلم للوارث عند فقد الوصي وإن كان الحاكم موجودا ، وقياس تقديم الوصي على الوارث تقديم الحاكم عليه أيضا فليراجع ا هـ ع ش أقول سيذكر الشارح في شرح ولو جمعهما إلخ وشرح وله التفضيل ما يفيد تقديم الحاكم على الوارث ( قوله ولا يعارضه ) أي تقديم الوصي على الوارث هنا ( قوله [ ص: 50 ] معين بشخصه ) وينبغي أو بقدره ونوعه وصفته ( قوله من الطرفين ) أي الموصى به والموصى له ( قوله لاقتضاء التنكير إلخ ) عبارة النهاية والفرق بين هذه وما لو أوصى لحملها أو ما في بطنها وأتت بذكرين أو أنثيين حيث يقسم أن حملها مفرد مضاف لمعرفة فيعم وما عامة بخلاف النكرة في الأولى أي في قول المصنف إن كان ببطنها ذكر إلخ فإنها للتوحيد ا هـ قال الرشيدي قوله بخلاف النكرة إلخ أي أما النكرة في غيرها فإنها وقعت خبرا عن حملها أو ما في بطنها الذي هو عام ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أو إن ولدت ذكرا إلخ ) عطف على قول المصنف إن كان ببطنها ذكر إلخ عبارة المغني : ولو قال إن ولدت غلاما أو كان في بطنك غلام أو كنت حاملا بغلام فله كذا أو أنثى فلها كذا فولدتهما أعطي كل منهما ما أوصي له به ، ولو ولدت ذكرين ولو مع أنثيين أعطى الوارث من شاء منهما كما مر ، وإن ولدت خنثى أعطي الأقل كما في الروضة وأصلها ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله هنا ) أي في هذا المبحث ( قوله أعطاه الوصي ثم الوارث ) تذكر ما مر فيه عن ع ش ( قوله وبحث بعضهم إلخ ) مبتدأ خبره قوله يمكن إلخ ( قوله رده ) أي البحث ( قوله لذكر ) صلة مساواته ا هـ ع ش ( قوله فيما قالوه ) أي قاله أصحابنا وذكره المصنف بقوله ولو قال إن كان ببطنها ذكر فله كذا إلخ ( قوله ويمكن توجيهه ) أي البحث عطف على قوله يمكن رده إلخ ( قوله وبدعوى إلخ ) عطف على قوله بمعرفة إلخ وقوله أحدهما أي الابنين ( قوله وهذا ) أي الفرق أوجه هذا ظاهر في اعتماده البحث وقال ع ش لا دلالة في كلامه على اعتماده بل ظاهر كلامه اعتماد الأول وهو أن الوصي ثم الوارث يعطيه من شاء منهما ولا يشكل عليه قوله وهذا أوجه ؛ لأن المراد به أن رد الرد أوجه من الرد ، وذلك إنما يثبت مجرد الاحتمال ا هـ




                                                                                                                              الخدمات العلمية