صفحة جزء
كتاب العتق

النسخ المقابل عليها

1 - (ف) نسخة فرنسا رقم (1071)

2 - (ح) نسخة الحسنية رقم (12929)

3 - (ر) نسخة الحمزوية رقم (110) [ ص: 3702 ]

[ ص: 3703 ] بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم

كتاب العتق الأول

العتق من أعمال البر وأحد القرب لله تعالى ومندوب إليه بقوله تعالى : وافعلوا الخير لعلكم تفلحون [الحج : 77] ، وبقوله : فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة فك رقبة [البلد : 11 - 13] ، واقتحامها جوازها ، فأخبر الله تعالى أن العتق أحد ما يتسبب به إلى النجاة حينئذ ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "أيما رجل أعتق امرءا مسلما استنقذ الله بكل عضو منه عضوا منه من النار" أخرجه البخاري ومسلم ، وزاد البخاري في كتاب النذور "حتى الفرج بالفرج" . وفي النسائي : "وأيما رجل مسلم أعتق امرأتين مسلمتين فهما فكاكه من النار عظمان منهما بعظم ، وأيما امرأة مسلمة أعتقت امرأة مسلمة فهي فكاكها من النار عظما بعظم" . [ ص: 3704 ]

وظاهر الحديث في العضو بالعضو والفرج بالفرج أنه إذا كان المعتق ناقص عضو لم يستنقذ من المعتق ما قابل ذلك الناقص ، وأنه يصح أن يوجد الألم ببعض الجسم ويحجب عن بعضه ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "حرم الله على النار أن تأكل أثر السجود" وفي كتاب مسلم نحو هذا ، والذكران أفضل للحديث ، ويحتمل أن يكون ذلك لأن الغالب أن الطاعة فيهم أوجد . وفي الحديث قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "اطلعت على النار فرأيت أكثر أهلها النساء" . ولأن الرجل إلى العتق أحوج والرق فيه أنكى ، وكثير من الإناث لا ترغب في العتق وإن أعتقت ضاعت ، وإذا تساووا في الذكورية أو غيرها فأعلاهما ثمنا أعظمهما أجرا ، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد سئل : أي الرقاب أفضل؟ فقال : "أغلاها ثمنا ، وأنفسها عند أهلها" . [ ص: 3705 ]

واختلف إذا كان كافر أغلى ثمنا من مسلم ، فقال مالك عند ابن حبيب : هو أفضل ولا أبالي يهوديا كان أو نصرانيا أو ولد زنى ، وقال أصبغ : المسلم أفضل . وهو أبين ، قياسا على عتق الواجب في قوله تعالى : فتحرير رقبة مؤمنة [النساء : 92] ، ولأن الأجر ليس هو معلق بقدر الثمن خاصة دون ما يصرف فيه الثمن ، ولو كان ذلك لم يفرق بين صرفه في عتق أو صدقة ، والأجر يتفاضل بقدر ما يصرف ذلك المال فيه ، وإذا كان عتق الذكران أفضل كانت الأمة المسلمة أفضل من الكافر ، ولو كانا مسلمين وأقلهما ثمنا ذو دين وعفاف ، والآخر شرير فاسق ، لكان عتق ذي الدين أفضل ، وقد قيل في قول الله -عز وجل- : فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا [النور : 33] : إن الخير ها هنا هو الدين . [ ص: 3706 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية