الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بيان أن الأمور الكونية قد تنكشف للمؤمن لقوة إيمانه

السؤال

هل يصح أن ابن تيمية حلف سبعين يمينا على أن المسلمين سينتصرون على التتار, فقال له الناس قل إن شاء الله، فقال: إن شاء الله, تحقيقا لا تعليقا, كتب الله في اللوح المحفوظ أنهم مهزومون في هذه الكرّة, فهل هذا يعني أنه يعلم الغيب، وكذلك فإن ابن القيم نقل أن ابن تيمية كان يقول لابن القيم ما يفكر فيه ابن القيم، فهل هذا يعني أنه يعلم الغيب؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا ريب في أن الله عز وجل قد تفرد بعلم الغيب، كما قال سبحانه: وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ {الأنعام:59}.

وكما قال تعالى: قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ {النمل:65}.

فمن اعتقد أن غير الله جل وعلا يعلم الغيب فهو كافر بإجماع العلماء، لكن الله جل وعلا قد يكشف لبعض عباده عن شيء من الغيب كرامة لهم، كما ذكرنا أدلته في الفتوى رقم: 25660.

ومعتقد أهل السنة والجماعة إثبات الكرامات لأولياء الله، خلافا للمعتزلة وغيرهم من أهل البدع، قال شيخ الإسلام: ومن أصول أهل السنة والجماعة: التصديق بكرامات الأولياء، وما يجري الله على أيديهم من خوارق العادات في أنواع العلوم والمكاشفات، وأنواع القدرة والتأثيرات، كالمأثور عن سالف الأمم في سورة الكهف وغيرها، وعن صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين وسائر قرون الأمة، وهي موجودة فيها إلى يوم القيامة. اهـ.

وقال السفاريني في عقيدته الدرة المضية في عقد أهل الفرقة المرضية:

وكل خارق أَتَى عَن صَالح * من تَابع لشرعنا وناصح

فَإِنَّهَا من الكرامات الَّتِي * بهَا نقُول فاقف للأدلة

وَمن نفاها من ذَوي الضلال * فقد أَتَى فِي ذَاك بالمحال

فَإِنَّهَا شهيرة وَلم تزل * فِي كل عصر يَا شقا أهل الزلل.

قال ابن تيمية: الأمور الكونية قد تنكشف للعبد المؤمن لقوة إيمانه يقينا وظنا. اهـ.

وقال: وأما المعجزات التي لغير الأنبياء من ـ باب الكشف والعلم ـ فمثل قول عمر في قصة سارية، وإخبار أبي بكر بأن ببطن زوجته أنثى، وإخبار عمر بمن يخرج من ولده فيكون عادلا، وقصة صاحب موسى في علمه بحال الغلام. اهـ.

ومن هذا الباب: القصة المذكورة عن الإمام ابن تيمية ـ وقد نقلها عنه تلميذه ابن القيم في كتابه: مدارج السالكين، وقد سبق تفصيل الكلام عنها في الفتويين رقم: 169625، ورقم: 4390، فنرجو الرجوع إليهما.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني