الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

النية تخصص لفظ اليمين وتقيده

السؤال

أيها الإخوة الفضلاء: حلفت على زوجتي بطلاق معلق مرتين، وتفصيلهما كالتالي:
الأولى: كانت عند إحدى صاحباتها، فلما عادت إلى المنزل ظهر عليها تغير، فأحسست بأن هناك شيئا قد جرى، فقلت لها: ماذا جرى؟ قالت: لا شيء، وأغضبتني واستفزتني حتى جعلتني أقول لها: إن ما أخبرتني بما جرى بينكما من حديث فأنت طالق، وظلت معاندة قرابة 5 ساعات، ثم أخبرتني بما جرى بينهما من كلام، لكن بعد أن أنهت الكلام قالت لي: قد أكون نسيت شيئا، لكن إن تذكرته بعد ذلك فسأخبرك به، وبالفعل بعد مدة تذكرت شيئا فأخبرتني به، كل ذلك حتى لا تقع الطلقة، ولكن الآن تقول: قد أكون نسيت شيئا فنحسبها طلقة احتياطيا. مع العلم بأنها قالت : ما أذكر أنني نسيت شيئا، وإلى الآن تقول هذه الكلام. فهل تحتسب هذه طلقة؟ وما العمل؟ وهل نعدها من الطلقات؟ وهل الآن يكون قد انتهى ما علق عليه؟ أم أنه يظل ساريا كلما تذكرت شيئا؟ مع العلم بأن نيتي أنه إذا أخبرتني بمجمل ما جرى فلا تقع الطلقة، ولم يكن في نيتي أن تحكي لي بالكلمة والحرف وكل المواقف، لأني أعلم أن هذا أمر يصعب على كل شخص. نريد جوابا شافيا.
الثانية:أغضبتني ذات يوم غضبا شديدا وتطاولت علي وعلى والدتي، وكان في نفس هذا الموقف تتكلم عن أهلها بأنهم أطيب ناس وأن أهلي غير جيدين، مع العلم بأن أهلهل يخببوها علي، فحلفت وأنا في ساعة غضب وقلت: إن كلمت أباك وأمك لمدة سنة فأنت طالق، مع العلم بأن أهلها في دولة وهي تسكن معي في دولة أخرى ووسيلة الكلام والتواصل بيننا هي الهاتف، وكان قبل ذلك وفي أحيان قليلة الكلام عبر الانترنت ثم انقطع الكلام عبر الانترنت وهذا من مدة تسبق الطلقة بزمن كبير وليس لي دخل في هذا الانقطاع، وبعد فترة من هذا اليمين اعتذرت إلي عما بدر منها ثم قالت بأنها لن توقع الطلقة ولن تكلم اهلها لمدة سنة، فأحببت أن أكافئها بشيء لكني أردت أن أسألكم أولا قبل أن أفعل شيئا، أردت أن أجعلها ترسل لهم خطابات عبر البريد. فهل بهذا الفعل تقع الطلقة؟ وهل إذا كلمت إخوتها تقع الطلقة؟ مع العلم بأن إخوتها صغار ويعيشون مع والديها، وإذا كلمت إخوتها قد يضغط أبوها أو أمها على السماعة الخارجية فيسمعون صوتها جميعا ويتحدثون معها لكن بطريقة غير مباشرة، وهل يجوز أن تكلم عمتها أو خالتها أو جدتها؟ مع العلم بأن هناك ضررا لأنهم غير متدينين ويصنعون المشاكل، وقد يأتي أبوها أو تأتي أمها عند أحد أقاربهم ويتم نفس ما يفعلوه في منزلهم من سماعها كلهم،مع العلم بأنني كنت غضبانا وقت الطلقة فلا أذكر النية بالتحديد لكن كان ظاهر النية أنها الانقطاع عن أهلها هذه المدة وذلك لأن الملابسات في هذا الوقت كانت تستدعي ذلك، لأن المشكلة كانت عن اهلها وقد كنت غضبانا منهم غضبا شديدا لأنهم آذوني كثيرا وحبسوا بنتهم عندهم ذات مرة ومنعوني منها ومن حتى التحدث معها عبر الهاتف أو حتى التحدث مع أولادي. فلا أستطيع أن أحدد النية ولكن ما صرح به لساني هو كلام أمها وأبيها عبر الهاتف، ولأن الصلة التي كانت بيننا وبينهم في هذا الوقت هي التواصل عبر الهاتف فقط. فهل يجوز أن يتراسلوا بالبريد العادي من خلال الخطابات؟ وهل يجوز أن تكلم إخوتها أو عمتها أو أحد أقاربها؟ وهل يحوز أن ترسل لهم رسائل عبر الجوال؟ وهل يجوز أن تتحدث معهم عن طريق الانترنت، ولكن بالكتابة فقط دون التحدث بالصوت؟ أم أنكم تنصحوني بأن نستمر بالانقطاع حتى تتم المدة؟
وأخبركم أخيرا وأنتم تجيبون على السؤال بـأن تراعوا أن أهلها( أمها وأبوها) يخببونها ويعاملونني بقسوة شديدة وذلك لأمور حدثت في السابق بيني وبينهم وهم مخطئون فيها وذلك كله باعتراف زوجتي ، وقد كلمتهم زوجتي أكثر من مرة بأن يرفقوا بي ويعاملوني برحمة، وأنا أظن أن هذا كان عقابا لهم من الله ، ولكني أشفقت على زوجتي فأحببت أن أبحث عن وسيلة أكافؤها بها. فأرجوا منكم الجواب بوضوح.
وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يجوز للأهل أن يخببوا ابنتهم على زوجها، روى أحمد وأبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس منا من خبب امرأة على زوجها. وإذا ثبت أن أهل المرأة يفسدونها فللزوج الحق في منعها من زيارتهم ومكالمتهم، وراجع في هذا الفتوى رقم: 40688.

وبالنسبة لما سألت عنه، فالظاهر أنك قلت لزوجتك: إما أخبرتني بما جرى بينكما من حديث، وإلا فأنت طالق، وقد ذكرت أنها أخبرتك بجميع ما تذكرته، مع أنك لم تكن تريد منها كل التفاصيل، وعليه، فهذه الطلقة ليست واقعة، لأنها برت اليمين التي حلفت عليها.

وأما يمينك الثانية فذكرت أنك قلت لها إن كلمت أباك وأمك لمدة سنة فأنت طالق، فإذا كانت لك نية في كيفية التكليم فإن نيتك تخصص لفظ يمينك وتقيدها. قال خليل: وخصصت نية الحالف وقيدت إن نافت وساوت في الله وغيرها كطلاق... أي أن الذي كنت تنويه حين يمينك من تكليم أبويها عبر الهاتف أو الإيميل أو غير ذلك هو الذي يحصل به حنثك أو لا يحصل. وإن لم تكن لك نية فالذي يراعى هو العرف فيما حلفت به، ففي خليل بعد ما ذكر التخصيص بالنية، جاء بالمخصصات الأخرى قال: ثم بساط يمينه، ثم عرف قولي.. فإذا لم تكن لك نية وكان العرف عندكم في التكليم يشمل الهاتف والإنترنت ونحوهما فإنك تحنث إذا كلمت زوجتك أبويهما بأي شيء من ذلك.

وقبل كل هذا ننبه إلى أن الطلاق المعلق موضوع اختلاف بين أهل العلم، فما كان يقصد به حقيقة الطلاق يكون طلاقا إذا حصل المعلق عليه، وما كان لمجرد التهديد فقال جمهور العلماء إنه يكون طلاقا أيضا إذا حصل الحنث، وقال البعض: إنه في هذه تلزمه فيه كفارة يمين فقط، وراجع فيه فتوانا رقم: 3795.

ونوصي السائل الكريم بتجنب الغضب والحلف بالطلاق والتسرع في القرارات، فإن عاقبة كل ذلك الندم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني