من بيعة خالد بن الوليد بني عامر وبني أسد قال : إن الخليفة قد عهد إلي أن أسير إلى أرض بني غانم ، فسار حتى نزل بأرضهم ، وبث فيها السرايا ، فلم يلق بها جمعا ، وأتى ولما فرغ بمالك بن نويرة في رهط من بني تميم وبني حنظلة ، فأمر بهم فضربت أعناقهم ، وتزوج مكانه أم تميم امرأة مالك بن نويرة ، فشهد أبو قتادة لمالك بن نويرة بالإسلام عند أبي بكر ، ثم رجع خالد يؤم المدينة ، فلما قدمها دخل المسجد ، وعليه درع معتجرا بعمامة ، وعليه قباء عليه صدأ الحديد ، قد غرز في عمامته أسهما ، فقام إليه فانتزع الأسهم من رأسه فحطمها ، ثم قال : أقتلت امرأ مسلما عمر بن الخطاب مالك بن نويرة ، ثم تزوجت امرأته ، والله لنرجمنك بأحجارك لا يكلمه ولا يظن إلا أن رأي وخالد [ ص: 170 ] بن الوليد أبي بكر على مثل رأي عمر ، حتى دخل على أبي بكر فأخبره الخبر ، واعتذر إليه أنه لم يعلم ، فعذره أبو بكر وتجاوز عنه ما كان منه في حربه تلك ، فخرج خالد من عنده ، وعمر جالس في المسجد فقال : هلم إلي ابن أم شملة ، فعرف أن قد رضي عنه ، فلم يكلمه ، فقام فدخل بيته . أبا بكر
ثم - صلى الله عليه وسلم - بعد أبيها بستة أشهر ، فدفنها فاطمة بنت رسول الله علي ليلا ، ولم يؤذن به ولا أبا بكر عمر ، وكان لعلي جهة من الناس حياة فلما توفيت فاطمة ، انصرفت وجوه الناس عن فاطمة علي ، فلما رأى انصراف الناس ضرع علي إلى مصالحة أبي بكر ، فأرسل إلى ماتت أبي بكر أن ائتنا ، ولا تأتنا معك بأحد ، وكره أن يأتيه عمر لما علم من شدته ، فقال عمر : لا تأتهم وحدك ، فقال أبو بكر : والله لآتينهم وحدي ، وما عسى أن يصنعوا بي ، فانطلق أبو بكر وحده حتى دخل على علي ، وقد جمع بني هاشم عنده ، فقام علي وحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال : أما بعد ، فإنه لم يمنعنا أن نبايعك إنكارا لفضيلتك ، ولا نفاسة عليك بخير ساقه الله إليك ، ولكنا كنا نرى أن لنا في هذا الأمر حقا [ ص: 171 ] فاستبددت به علينا ، ثم ذكر قرابته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحقهم ، ولم يزل علي يذكر ذلك حتى بكى أبو بكر ، فلما صمت علي تشهد أبو بكر ، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال : أما بعد ، والله لقرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحب إلي أن أصل من قرابتي ، وإني والله ما أعلم في هذه الأمور التي كانت بيني وبين علي إلا الخير ، ولكني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : . وإني والله لا أدع أمرا صنع فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا صنعته إن شاء الله ، ثم قال : موعدك العشية للبيعة ، فلما صلى لا نورث ما تركنا صدقة ، إنما يأكل آل محمد من هذه المال قوتا أبو بكر الظهر أقبل على الناس ، ثم عذر عليا ببعض ما اعتذر به ، ثم قام علي فعظم من حق أبي بكر ، وذكر فضيلته وسابقته ، ثم مضى إلى أبي بكر فبايعه ، وأقبل الناس على علي فقالوا : أصبت وأحسنت .