المسألة الثالثة : الدم الواجب بالتمتع    : دم شاة جذعة من الضأن ، أو ثنية من المعز ، ولو تشارك ستة في بقرة أو بدنة جاز ، ووقت وجوبه بعدما أحرم بالحج ؛ لأن الفاء في قوله : ( فما استيسر من الهدي    ) يدل على أنه وجب عقيب التمتع ، ويستحب أن يذبح يوم النحر ، فلو ذبح بعدما أحرم بالحج جاز ؛ لأن التمتع قد تحقق ، وعند  أبي حنيفة  رضي الله عنه لا يجوز ، وأصل هذا أن دم التمتع عندنا دم جبران كسائر دماء الجبرانات ، وعنده دم نسك كدم الأضحية ، فيختص بيوم النحر . 
أما قوله تعالى : ( فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام    ) فالمعنى أن المتمتع إن وجد الهدي فلا كلام ، وإن لم يجد فقد بين الله تعالى بدله من الصيام ، فهذا الهدي أفضل أم الصيام  ؟ الظاهر أن يكون المبدل الذي هو الأصل أفضل ، لكنه تعالى بين في هذا البدل أنه في الكمال والثواب كالهدي ، وهو كقوله : ( تلك عشرة كاملة    ) ؛ وفي الآية مسائل : 
المسألة الأولى : الآية نص فيما إذا لم يجد الهدي  ، والفقهاء قاسوا عليه ما إذا وجد الهدي ولم يجد ثمنه ، أو كان ماله غائبا ، أو يباع بثمن غال  ، فهنا أيضا يعدل إلى الصوم . 
المسألة الثانية : قوله : ( فصيام ثلاثة أيام في الحج    ) أي فعليه ثلاثة أيام وقت اشتغاله بالحج ، ويتفرع عليه مسألة فقهية ؛ وهي أن المتمتع إذا لم يجد الهدي لا يصح صومه بعد إحرام العمرة قبل إحرام الحج  ، وقال  أبو حنيفة  رحمه الله : يصح . 
حجة  الشافعي  رضي الله عنه من وجوه : 
الأول : أنه صام قبل وقته ؛ فلا يجوز كمن صام رمضان قبله ، وكما إذا صام السبعة أيام قبل الرجوع  ، وإنما قلنا : إنه صام قبل وقته ؛ لأن الله تعالى قال : ( فصيام ثلاثة أيام في الحج    ) وأراد به إحرام الحج ؛ لأن سائر أفعال الحج لا تصلح طرفا للصوم ، والإحرام يصلح ؛ فوجب حمله عليه . 
الثاني : أن ما قبل الإحرام بالحج ليس بوقت للهدي الذي هو أفضل ، فكذا لا يكون وقتا للصوم الذي هو بدله اعتبارا بسائر الأصول والإبدال ، وتحقيقه أن البدل حال عدم الأصل يقوم مقامه ؛ فيصير في الحكم كأنه الأصل ، فلا يجوز أن يحصل في وقت ، لو وجد الأصل لم يجز . 
إذا عرفت هذا فنقول : اتفقوا على أنه يجوز بعد الشروع في الحج إلى يوم النحر ، والأصح أنه لا يجوز يوم النحر ولا أيام التشريق ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام : ولا تصوموا في هذه الأيام ، والمستحب أن يصوم في أيام الحج حيث يكون يوم عرفة  مفطرا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					