( 5170 ) مسألة ; قال : وإذا كان الأقرب من عصبتها طفلا أو كافرا أو عبدا ، زوجها الأبعد من عصبتها . وجملة ذلك أن الولاية لا تثبت لطفل ولا عبد ولا كافر على مسلمة بحال  ، فعند ذلك يكون وجودهم كالعدم ، فتثبت الولاية لمن هو أبعد منهم كما لو ماتوا . وتعتبر لثبوت الولاية لمن سمينا ستة شروط    ; العقل ، والحرية ، والإسلام ، والذكورية ، والبلوغ ، والعدالة ، على اختلاف نذكره . فأما العقل ، فلا خلاف في اعتباره ; لأن الولاية إنما تثبت نظرا للمولى عليه عند عجزه عن النظر لنفسه ، ومن لا عقل له لا يمكنه النظر ، ولا يلي نفسه ، فغيره أولى ، وسواء في هذا من لا عقل له لصغره كطفل ، أو من ذهب عقله بجنون أو كبر ، كالشيخ إذا أفند 
قال  القاضي    : والشيخ الذي قد ضعف لكبره ، فلا يعرف موضع الحظ لها ، لا ولاية له . فأما الإغماء فلا يزيل الولاية ; لأنه يزول عن قرب ، فهو كالنوم ، ولذلك لا تثبت الولاية عليه ، ويجوز على الأنبياء عليهم السلام . ومن كان يجن في الأحيان لم تزل ولايته    ; لأنه لا يستديم زوال عقله ، فهو كالإغماء . الشرط الثاني ، الحرية ، فلا ولاية لعبد في قول جماعة أهل العلم ، فإن العبد لا ولاية له على نفسه ، فعلى غيره أولى . وقال أصحاب الرأي : يجوز أن يزوجها العبد بإذنها ، بناء منهم على أن المرأة تزوج نفسها ، وقد مضى الكلام في هذه المسألة 
الشرط الثالث ، الإسلام ، فلا يثبت لكافر ولاية على مسلمة . وهو قول عامة أهل العلم أيضا . قال  ابن المنذر    : أجمع عامة من نحفظ عنه من أهل العلم على هذا . قال  أحمد    : بلغنا أن  عليا  أجاز نكاح أخ ، ورد نكاح الأب وكان نصرانيا . الشرط الرابع ، الذكورية شرط للولاية  في قول الجميع ; لأنه يعتبر فيها الكمال ، والمرأة ناقصة قاصرة ، تثبت الولاية عليها لقصورها عن النظر لنفسها ، فلأن لا تثبت لها ولاية على غيرها أولى . الشرط الخامس ، البلوغ شرط في ظاهر المذهب . 
قال  أحمد    : لا يزوج الغلام حتى يحتلم ، ليس له أمر . 
وهذا  [ ص: 17 ] قول أكثر أهل العلم ، منهم  الثوري   والشافعي  ، وإسحاق  ،  وابن المنذر  ،  وأبو ثور    . وعن  أحمد  ، رواية أخرى ، أنه إذا بلغ عشرا زوج ، وتزوج ، وطلق ، وأجيزت وكالته في الطلاق . وهذا يحتمله كلام  الخرقي    ; لتخصيصه المسلوب الولاية بكونه طفلا ، ووجه ذلك أنه يصح بيعه ووصيته وطلاقه ، فثبتت له الولاية كالبالغ . والأول اختيار أبي بكر  ، وهو الصحيح ; لأن الولاية يعتبر لها كمال الحال ، لأنها تنفيذ التصرف في حق غيره اعتبرت نظرا له ، والصبي مولى عليه لقصوره ، فلا تثبت له الولاية ، كالمرأة . 
الشرط السادس ، العدالة . في كونها شرطا روايتان ; إحداهما ، هي شرط . قال  أحمد    : إذا كان القاضي مثل ابن الحلبي  وابن الجعدي  استقبل النكاح . فظاهر هذا أنه أفسد النكاح لانتفاء عدالة المتولي له . وهذا قول  الشافعي    ; وذلك لما روي عن  ابن عباس  رضي الله عنه أنه قال : لا نكاح إلا بشاهدي عدل وولي مرشد . قال  أحمد    : أصح شيء في هذا قول  ابن عباس  ، وقد روي - يعني عن  ابن عباس  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {   : لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل . وأيما امرأة أنكحها ولي مسخوط عليه ، فنكاحها باطل   } 
وروي عن  أبي بكر البرقاني  بإسناده عن  جابر  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {   : لا نكاح إلا بولي مرشد ، وشاهدي عدل   } . ولأنها ولاية نظرية ، فلا يستبد بها الفاسق ، كولاية المال . والرواية الأخرى ، ليست بشرط . نقل مثنى بن جامع  ، أنه سأل  أحمد    : إذا تزوج بولي فاسق ، وشهود غير عدول ؟ فلم ير أنه يفسد من النكاح شيء ، وهذا ظاهر كلام  الخرقي    ; لأنه ذكر الطفل والعبد والكافر ، ولم يذكر الفاسق . وهو قول  مالك  ،  وأبي حنيفة  ، وأحد قولي  الشافعي    ; لأنه يلي نكاح نفسه ، فتثبت له الولاية على غيره ، كالعدل ، ولأن سبب الولاية القرابة ، وشرطها النظر ، وهذا قريب ناظر ، فيلي كالعدل 
( 5171 ) فصل : ولا يشترط أن يكون بصيرا ; لأن شعيبا  عليه السلام ، زوج ابنته وهو أعمى  ، ولأن المقصود في النكاح يعرف بالسماع والاستفاضة ، فلا يفتقر إلى النظر . ولا يشترط كونه ناطقا ، بل يجوز أن يلي الأخرس إذا كان مفهوم الإشارة ; لأن إشارته تقوم مقام نطقه في سائر العقود والأحكام ، فكذلك في النكاح . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					