الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6002 ) فصل : فإن حلف لا تأخذ حقك مني ، فأكره على دفعه إليه ، وأخذه منه قهرا ، حنث ; لأن المحلوف عليه فعل الأخذ ، وقد أخذه مختارا . وإن أكره صاحب الحق على أخذه ، خرج على الوجهين ، في من أكره على القدوم . وإن وضعه الحالف في حجره ، أو بين يديه ، أو إلى جنبه ، فلم يأخذه ، لم يحنث ; لأن الأخذ ما وجد . وإن أخذه الحاكم أو السلطان من الغريم ، فدفعه إلى المستحق فأخذه ، فقال القاضي : لا يحنث . وهو مذهب الشافعي ; لأنه ما أخذه منه . وإن قال : لا تأخذ حقك علي . حنث ; لأنه قد أخذ حقه الذي عليه .

                                                                                                                                            والمنصوص عن أحمد ، أنه يحنث في الصورتين . قاله أبو بكر وهو الذي يقتضيه مذهبه ; لأن الأيمان عنده على الأسباب ، لا على الأسماء ، ولأنه لو وكل وكيلا ، فأخذه منه ، كان آخذا لحقه منه عرفا ، ويسمى آخذا ; قال الله تعالى : { وأخذنا منهم ميثاقا غليظا } . وقال : { ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا } . وإن كانت اليمين من صاحب الحق ، فحلف : لا أخذت حقي منك . فالتفريع فيها كالتي قبلها . فإن تركها الغريم في أثناء متاع في خرج ، ثم دفع الخرج إلى الحالف ، فأخذه ولم يعلم أنها فيه ، لم يحنث ; لأن هذا ليس بمعدود أخذا ، ولا يبرأ به الغريم منها . فإن كانت اليمين : لا أعطيتك حقك ، فأخذه الحاكم منه كرها ، فدفعه إلى الغريم ، لم يحنث .

                                                                                                                                            وإن أكرهه على دفعه إليه ، فدفعه ، خرج على الوجهين في المكره . وإن أعطاه باختياره ، [ ص: 367 ] حنث . وإن وضعه في حجره ، أو جيبه ، أو صندوقه ، وهو يعلم ، حنث ; لأنه أعطاه . وإن دفعه إلى الحاكم اختيارا ، ليدفعه إلى الغريم ، فدفعه ، أو أخذه من ماله باختياره ، فدفعه إلى الغريم ، حنث . وقال القاضي : لا يحنث . وقياس المذهب أنه يحنث ; لأنه أوصله إليه مختارا ، فأشبه ما لو دفعه إلى وكيله ، فأعطاه إياه ، ولأن الأيمان على الأسباب ، لا على الأسماء ، على ما ذكرناه فيما مضى .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية