الحكم الثالث ، إذا عضلها وليها الأقرب ،  انتقلت الولاية إلى الأبعد . نص عليه  أحمد  وعنه رواية  [ ص: 24 ] أخرى ، تنتقل إلى السلطان . وهو اختيار أبي بكر  وذكر ذلك عن  عثمان بن عفان  رضي الله عنه  وشريح  وبه قال  الشافعي  لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { فإن اشتجروا ، فالسلطان ولي من لا ولي له   } . ولأن ذلك حق عليه امتنع من أدائه ، فقام الحاكم مقامه ، كما لو كان عليه دين فامتنع من قضائه . ولنا ، أنه تعذر التزويج من جهة الأقرب ، فملكه الأبعد ، كما لو جن . ولأنه يفسق بالعضل ، فتنتقل الولاية عنه ، كما لو شرب الخمر . فإن عضل الأولياء كلهم زوج الحاكم . والحديث حجة لنا ; لقوله : { السلطان ولي من لا ولي له   } . 
وهذه لها ولي . ويمكن حمله على ما إذا عضل الكل ، لأن قوله : ( فإن اشتجروا ) . ضمير جمع يتناول الكل . والولاية تخالف الدين من وجوه ثلاثة ; أحدها ، أنها حق للولي ، والدين حق عليه . الثاني ، أن الدين لا ينتقل عنه ، والولاية تنتقل لعارض ; من جنون الولي . أو فسقه أو موته . الثالث ، أن الدين لا يعتبر في بقائه العدالة ، والولاية يعتبر لها ذلك ، وقد زالت العدالة بما ذكرنا . فإن قيل : فلو زالت ولايته لما صح منه التزويج إذا أجاب إليه 
قلنا : فسقه بامتناعه ، فإذا أجاب فقد نزع عن المعصية ، وراجع الحق ، فزال فسقه ، فلذلك صح تزويجه . والله أعلم . ( 5184 ) فصل : ومعنى العضل منع المرأة من التزويج بكفئها إذا طلبت ذلك ، ورغب كل واحد منهما في صاحبه . قال  معقل بن يسار :    { زوجت أختا لي من رجل ، فطلقها ، حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها ، فقلت له : زوجتك ، وأفرشتك ، وأكرمتك ، فطلقتها ، ثم جئت تخطبها ، لا والله لا تعود إليك أبدا . وكان رجلا لا بأس به ، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية : { فلا تعضلوهن    } . فقلت : الآن أفعل يا رسول الله . قال : فزوجها إياه .   } رواه  البخاري .  وسواء طلبت التزويج بمهر مثلها أو دونه . 
وبهذا قال  الشافعي   وأبو يوسف   ومحمد  وقال  أبو حنيفة  لهم منعها من التزويج بدون مهر مثلها ; لأن عليهم في ذلك عارا ، وفيه ضرر على نسائها ، لنقص مهر مثلهن . ولنا ، أن المهر خالص حقها ، وعوض يختص بها ، فلم يكن لهم الاعتراض عليها فيه ، كثمن عبدها ، وأجرة دارها ، ولأنها لو أسقطته بعد وجوبه ، سقط كله ، فبعضه أولى ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم { قال لرجل أراد أن يزوجه : التمس ولو خاتما من حديد   } . { وقال لامرأة زوجت بنعلين : أرضيت بنعلين من نفسك ؟   } 
قالت : نعم . فأجازه النبي صلى الله عليه وسلم . وقولهم : فيه عار عليهم . ليس كذلك ، فإن  عمر  قال : لو كان مكرمة في الدنيا ، أو تقوى عند الله ، كان أولاكم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم . يعني غلو الصداق . فإن رغبت في كفء بعينه ، وأراد تزويجها لغيره من أكفائها ، وامتنع من تزويجها من الذي أرادته ، كان عاضلا لها . فأما إن طلبت التزويج بغير كفئها ، فله منعها من ذلك ، ولا يكون عاضلا لها بهذا ; لأنه لو زوجت من غير كفئها ، كان له فسخ النكاح ، فلأن تمنع منه ابتداء أولى . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					