وقال زفر : يصح النكاح ، ويبطل الشرط . وحكي عن ابن عباس ، أنها جائزة . وعليه أكثر أصحاب عطاء وطاوس . وبه قال ابن جريج وحكي ذلك عن أبي سعيد الخدري ، وجابر وإليه ذهب الشيعة ; لأنه قد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن فيها ، وروي أن عمر قال : { متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أفأنهى عنهما ، وأعاقب عليهما ; متعة النساء ، ومتعة الحج . } ولأنه عقد على منفعة ، فيكون مؤقتا ، كالإجارة . ولنا ما روى الربيع بن سبرة ، أنه قال أشهد على أبي ، أنه حدث { أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه في حجة الوداع } . وفي لفظ : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { حرم متعة النساء . } . رواه أبو داود وفي لفظ رواه ابن ماجه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { يا أيها الناس ، إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع ، ألا وإن الله قد حرمها إلى يوم القيامة }
. وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر ، وعن لحوم الحمر [ ص: 137 ] الأهلية . } رواه مالك ، في ( الموطأ ) وأخرجه الأئمة النسائي وغيره
واختلف أهل العلم في الجمع بين هذين الخبرين ، فقال قوم : في حديث علي تقديم وتأخير ، وتقديره أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر ، ونهى عن متعة النساء ، ولم يذكر ميقات النهي عنها ، وقد بينه الربيع بن سبرة في حديثه ، أنه كان في حجة الوداع . حكاه الإمام أحمد عن قوم ، وذكره ابن عبد البر وقال الشافعي : لا أعلم شيئا أحله الله ثم حرمه ، ثم أحله ثم حرمه ، إلا المتعة . فحمل الأمر على ظاهره ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم حرمها يوم خيبر ، ثم أحلها في حجة الوداع ثلاثة أيام ، ثم حرمها ، ولأنه لا تتعلق به أحكام النكاح ، من الطلاق ، والظهار ، واللعان ، والتوارث ، فكان باطلا ، كسائر الأنكحة الباطلة . وأما قول ابن عباس ، فقد حكي عنه الرجوع عنه ، فروى أبو بكر ، بإسناده عن سعيد بن جبير ، قال : قلت لابن عباس : لقد كثرت القالة في المتعة ، حتى قال فيها الشاعر :
أقول وقد طال الثواء بنا معا يا صاح هل لك في فتيا ابن عباس هل لك في رخصة الأطراف آنسة
تكون مثواك حتى مصدر الناس
وأما حديث عمر إن صح عنه فالظاهر أنه إنما قصد الإخبار عن تحريم النبي صلى الله عليه وسلم لها ، ونهيه عنها ، إذ لا يجوز أن ينهى عما كان النبي صلى الله عليه وسلم أباحه ، وبقي على إباحته .


