الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5627 ) فصل : إذا أصدق امرأته عينا ، فوهبتها له ، ثم طلقها قبل الدخول بها ، فعن أحمد فيه روايتان ; : إحداهما ، يرجع عليها بنصف قيمتها . وهو اختيار أبي بكر وأحد قولي الشافعي لأنها عادت إلى الزوج بعقد مستأنف ، فلا تمنع استحقاقها بالطلاق ، كما لو عادت إليه بالبيع ، أو وهبتها لأجنبي ثم وهبتها له . والرواية الثانية ، لا يرجع عليها . وهو قول مالك والمزني ، وأحد قولي الشافعي ، وهو قول أبي حنيفة إلا أن تزيد العين أو تنقص ، ثم تهبها له ; لأن الصداق عاد إليه ولو لم تهبه لم يرجع بشيء ، وعقد الهبة لا يقتضي ضمانا ، ولأن نصف الصداق تعجل له بالهبة .

                                                                                                                                            فإن كان الصداق دينا ، فأبرأته منه ، فإن قلنا : لا يرجع ثم . فهاهنا أولى ، وإن قلنا : يرجع ثم . خرج هاهنا وجهان ; أحدهما ، لا يرجع ; لأن الإبراء إسقاط حق ، وليس بتمليك كتمليك الأعيان ولهذا لا يفتقر إلى قبول ، ولو شهد شاهدان على رجل بدين ، فأبرأه مستحقه ، ثم رجع الشاهدان ، لم يغرما شيئا ، ولو كان قبضه منه ، ثم وهبه له ، ثم رجع الشاهدان ، غرما . والثاني ، يرجع ; لأنه عاد إليه بغير الطلاق ، فهو كالعين ، والإبراء بمنزلة الهبة ، ولهذا يصح بلفظها وإن قبضت الدين منه ، ثم وهبته له ، ثم طلقها ، فهو كهبة لأنه تعين بقبضه .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : يرجع هاهنا ; لأن الصداق قد استوفته كله ، ثم تصرفت فيه ، فوجب الرجوع عليها ، كما لو وهبته أجنبيا . ويحتمل أن لا يرجع ; لأنه عاد إليه ما أصدقها ، فأشبه ما لو كان عينا ، فقبضتها ، ثم وهبتها . أو وهبته العين ، أو أبرأته من الدين ، ثم فسخت النكاح بفعل من جهتها ، كإسلامها ، أو ردتها ، أو إرضاعها لمن ينفسخ نكاحها برضاعه ، ففي الرجوع بجميع الصداق عليها روايتان ، كما في الرجوع بالنصف سواء .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية