( 5757 ) فصل : ولا يحصل الخلع بمجرد بذل المال  وقبوله ، من غير لفظ الزوج . قال  القاضي    : هذا الذي عليه شيوخنا البغداديون . وقد أومأ إليه  أحمد  وذهب  أبو حفص العكبري   وابن شهاب  ، إلى وقوع الفرقة بقبول الزوج للعوض . وأفتى بذلك  ابن شهاب  بعكبرا  واعترض عليه أبو الحسين بن هرمز  ، واستفتى عليه من كان ببغداد  من أصحابنا ، فقال  ابن شهاب    : المخلعة على وجهين ، مستبرئة ، ومفتدية ، فالمفتدية هي التي تقول : لا أنا ولا أنت ، ولا أبر لك قسما ، وأنا أفتدي نفسي منك . فإذا قبل الفدية ، وأخذ المال ، انفسخ النكاح ; لأن  [ ص: 251 ]  إسحاق بن منصور  روى ، قال : قلت  لأحمد  كيف الخلع ؟ قال : إذا أخذ المال ، فهي فرقة . وقال  إبراهيم النخعي  أخذ المال تطليقة بائنة . 
ونحو ذلك عن الحسن  وعن  علي  رضي الله عنه من قبل مالا على فراق ، فهي تطليقة بائنة ، لا رجعة له فيها . واحتج بقول النبي صلى الله عليه وسلم لجميلة :    { أتردين عليه حديقته ؟ قالت : نعم ، ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما . وقال : خذ ما أعطيتها ، ولا تزدد   } ولم يستدع منه لفظا . ولأن دلالة الحال تغني عن اللفظ ; بدليل ما لو دفع ثوبه إلى قصار أو خياط معروفين بذلك ، فعملاه ، استحقا الأجرة ، وإن لم يشترطا عوضا . 
ولنا أن هذا أحد نوعي الخلع ، فلم يصح بدون اللفظ ، كما لو سألته أن يطلقها بعوض ، ولأنه تصرف في البضع بعوض ، فلم يصح بدون اللفظ ، كالنكاح والطلاق ، ولأن أخذ المال قبض لعوض ، فلم يقم بمجرده مقام الإيجاب ، كقبض أحد العوضين في البيع ، ولأن الخلع إن كان طلاقا ، فلا يقع بدون صريحة أو كنايته ، وإن كان فسخا فهو أحد طرفي عقد النكاح ، فيعتبر فيه اللفظ ، كابتداء العقد . وأما حديث جميلة ، فقد رواه  البخاري :    ( اقبل الحديقة ، وطلقها تطليقة ) . وهذا صريح في اعتبار اللفظ . 
وفي رواية : فأمره ففارقها . ومن لم يذكر الفرقة ، فإنما اقتصر على بعض القصة ، بدليل رواية من روى الفرقة والطلاق ، فإن القصة واحدة ، والزيادة من الثقة مقبولة ، ويدل على ذلك أنه قال : ففرق النبي صلى الله عليه وسلم بينهما ، وقال ( خذ ما أعطيتها ) . فجعل التفريق قبل العوض ، ونسب التفريق إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يباشر التفريق ، فدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به ، ولعل الراوي استغنى بذكر العوض عن ذكر اللفظ ; لأنه معلوم منه . 
وعلى هذا يحمل كلام  أحمد  وغيره من الأئمة ، ولذلك لم يذكروا من جانبها لفظا ولا دلالة حال ، ولا بد منه اتفاقا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					