( 5959 ) فصل : إذا قال لطاهر : إذا حضت فأنت طالق . فرأت الدم في وقت يمكن أن يكون حيضا  ، حكمنا بوقوع الطلاق ، كما يحكم بكونه حيضا في المنع من الصلاة وغيرها مما يمنع منه الحيض . وإن بان أنه ليس بحيض ، لانقطاعه لدون أقل الحيض ، بان أن الطلاق لم يقع . وبهذا قال  الثوري  ،  والشافعي  ، وأصحاب الرأي . قال  ابن المنذر    : لا نعلم أحدا قال غير ذلك إلا  مالكا  فإن ابن القاسم  روى عنه ، أنه يحنث حين تكلم به . وقد سبق الكلام معه في هذا . وإن قال لحائض : إذا حضت فأنت طالق    . لم تطلق حتى تطهر ثم تحيض . ولو قال لطاهر : إذا طهرت فأنت طالق    . لم تطلق حتى تحيض ثم تطهر . وهذا يحكى عن  أبي يوسف    . 
وقال بعض أصحاب  الشافعي    : الذي يقتضيه مذهب  الشافعي  أنها تطلق بما يتجدد من حيضها وطهرها في المسألتين ; لأنه قد وجد منها الحيض والطهر ، فوقع الطلاق لوجود صفته . ولنا ، أن إذا اسم زمن مستقبل ، يقتضي فعلا مستقبلا ، وهذا الحيض والطهر مستدام غير متجدد ، ولا يفهم من إطلاق : حاضت المرأة وطهرت . إلا ابتداء ذلك ، فتعلقت الصفة به . ولو قال لطاهر : إذا حضت حيضة فأنت طالق    . لم تطلق حتى تحيض ثم تطهر . نص عليه  أحمد    ; لأنه لا توجد حيضة كاملة إلا بذلك . 
ولو قال لحائض : إذا طهرت فأنت طالق    . طلقت بأول الطهر ، وتطلق في الموضعين بانقطاع دم الحيض قبل الغسل . نص عليه  أحمد  ، في رواية  إبراهيم الحربي    . وذكر أبو بكر  ، في " التنبيه " فيها قولا ، أنها لا تطلق حتى تغتسل ، بناء على أن العدة لا تنقضي بانقطاع الدم حتى تغتسل . ولنا ، أن الله تعالى قال : { ولا تقربوهن حتى يطهرن    } . أي : ينقطع دمهن ، { فإذا تطهرن    } . أي : اغتسلن .  [ ص: 349 ] ولأنه قد ثبت لها أحكام الطاهرات في وجوب الصلاة وصحة الطهارة والصيام ، وإنما بقي بعض الأحكام موقوفا على وجود الغسل ، ولأنها ليست حائضا فيلزم أن تكون طاهرا ; لأنهما ضدان على التعيين ، فيلزم من انتفاء أحدهما وجود الآخر . 
				
						
						
