الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5874 ) مسألة ; قال : ( ولو قيل له : ألك امرأة ؟ فقال : لا . وأراد به الكذب ، لم يلزمه شيء . ولو قال : قد طلقتها . وأراد به الكذب ، لزمه الطلاق ) إنما لم يلزمه إذا أراد الكذب ; لأن قوله : ما لي امرأة . كناية تفتقر إلى نية الطلاق ، وإذا نوى الكذب فما نوى الطلاق ، فلم يقع . وهكذا لو نوى أنه ليس لي امرأة تخدمني ، أو ترضيني ، أو أني كمن لا امرأة له ، أو لم ينو شيئا لم تطلق ; لعدم النية المشترطة في الكناية ، وإن أراد بهذا اللفظ طلاقها ، طلقت ; لأنها كناية صحبتها النية .

                                                                                                                                            وبهذا قال الزهري ، ومالك ، وحماد بن أبي سليمان ، وأبو حنيفة ، والشافعي ، وقال أبو يوسف ، ومحمد : لا تطلق ; فإن هذا ليس بكناية ، وإنما هو خبر هو كاذب فيه ، وليس بإيقاع . ولنا ، أنه محتمل الطلاق ; لأنه إذا طلقها فليست له بامرأة ، فأشبه قوله : أنت بائن . وغيرها من الكنايات الظاهرة ، وهذا يبطل قولهم . فأما إن قال : طلقتها . وأراد الكذب طلقت ; لأن لفظ الطلاق صريح ، يقع به الطلاق من غير نية . وإن قال : خليتها ، أو أبنتها . افتقر إلى النية ; لأنه كناية لا يقع به الطلاق من غير نية . ( 5875 ) فصل : فإن قيل له : أطلقت امرأتك ؟ فقال : نعم . أو قيل له : امرأتك طالق ؟ فقال : نعم . طلقت امرأته ، وإن لم ينو .

                                                                                                                                            وهذا الصحيح من مذهب الشافعي ، واختيار المزني ; لأن نعم صريح في الجواب ، والجواب الصريح للفظ الصريح صريح ، ألا ترى أنه لو قيل له : ألفلان عليك ألف ؟ فقال : نعم . وجب عليه . وإن قيل له : طلقت امرأتك ؟ فقال : قد كان بعض ذلك . وقال : أردت الإيقاع . وقع . وإن قال : أردت أني علقت طلاقها بشرط . قبل ; لأنه محتمل لما قاله . وإن قال : أردت الإخبار عن شيء ماض . أو قيل له : ألك امرأة ؟ فقال : قد طلقتها . ثم قال : إنما أردت أني طلقتها في نكاح آخر . دين فيما بينه وبين الله تعالى ، فأما في الحكم ; فإن لم يكن ذلك وجد منه ، لم يقبل ; لأنه لا يحتمل ما قاله ، وإن كان وجد ، فعلى وجهين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية