( 5899 ) فصل : إذا قال لزوجته : أنت علي حرام . وأطلق  ، فهو ظهار . وقال  الشافعي    : لا شيء عليه . وله قول آخر : عليه كفارة يمين ، وليس بيمين . وقال  أبو حنيفة    : هو يمين . وقد روي ذلك عن  أبي بكر  ،  وعمر بن الخطاب  ،  وابن مسعود  رضي الله عنهم . وقال سعيد    : حدثنا خالد بن عبد الله  ، عن جويبر  ، عن الضحاك  ، أن  أبا بكر  ،  وعمر  ،  وابن مسعود  قالوا في الحرام : يمين . وبه قال  ابن عباس  ،  وسعيد بن المسيب  ،  وسعيد بن جبير    . وعن  أحمد  ما يدل على ذلك ; لأن الله تعالى قال : { لم تحرم ما أحل الله لك    } . ثم قال : { قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم    } . وقال  ابن عباس    : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة    } . ولأنه تحريم للحلال ، أشبه تحريم الأمة . 
 [ ص: 317 ] ولنا ، أنه تحريم للزوجة بغير طلاق ، فوجبت به كفارة الظهار ، كما لو قال : أنت علي حرام كظهر أمي . فأما إن نوى غير الظهار ، فالمنصوص عن  أحمد  في رواية جماعة ، أنه ظهار ، نوى الطلاق أو لم ينوه . وذكره  الخرقي  في موضع غير هذا . وممن قال : إنه ظهار ;  عثمان بن عفان  ،  وابن عباس  ،  وأبو قلابة  ،  وسعيد بن جبير  ،  وميمون بن مهران  ،  والبتي    . روى  الأثرم  ، بإسناده عن  ابن عباس  ، في الحرام ، أنه تحرير رقبة ، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ، أو إطعام ستين مسكينا . ولأنه صريح في تحريمها ، فكان ظهارا ، وإن نوى غيره ، كقوله : أنت علي كظهر أمي . 
وعن  أحمد    ; أنه إذا نوى الطلاق ، كان طلاقا . وقال : إذا قال : ما أحل الله علي حرام يعني به الطلاق ، أخاف أن يكون ثلاثا ، ولا أفتي به . وهذا مثل قوله في الكنايات الظاهرة ، فكأنه جعله من كنايات الطلاق ، يقع به الطلاق إذا نواه . ونقل عنه البغوي  في رجل قال لامرأته : أمرك بيدك . فقالت : أنا عليك حرام . فقد حرمت عليه . فجعله منها كناية في الطلاق ، فكذلك من الرجل . واختاره  ابن عقيل    . وهو مذهب  أبي حنيفة  ،  والشافعي    . وروي ذلك عن  ابن مسعود    . وممن روي عنه أنه طلاق ثلاث ;  علي   وزيد بن ثابت  ،  وأبو هريرة  ، والحسن البصري  ،  وابن أبي ليلى    . 
وهو مذهب  مالك  في المدخول بها ; لأن الطلاق نوع تحريم ، فصح أن يكنى به عنه ، كقوله : أنت بائن . فأما إن لم ينو الطلاق ، فلا يكون طلاقا بحال ; لأنه ليس بصريح في الطلاق ، فإذا لم ينو معه ، لم يقع به طلاق كسائر الكنايات . وإن قلنا : إنه كناية في الطلاق . ونوى به ، فحكمه حكم الكنايات الظاهرة ، على ما مضى من الاختلاف فيها . وهو قول  مالك  ،  وأبي حنيفة  ،  والشافعي  ، كل على أصله ، ويمكن حمله على الكنايات الخفية إذا قلنا : إن الرجعة محرمة ; لأن أقل ما تحرم به الزوجة طلقة رجعية ، فحمل على اليقين . وقد روي عن  أحمد  ما يدل عليه ; فإنه قال : إذا قال : أنت علي حرام ، أعني به طلاقا    . فهي واحدة . وروي هذا عن  عمر بن الخطاب  رضي الله عنه والزهري    . 
وقد روي عن  مسروق  ،  وأبي سلمة بن عبد الرحمن  ، والشعبي    : ليس بشيء ; لأنه قول هو كاذب فيه . وهذا يبطل بالظهار ; فإنه منكر من القول وزور ، وقد وجبت الكفارة ، ولأن هذا إيقاع للطلاق فأشبه قوله : أنت بائن . أو أنت طالق . وروي عن  أحمد  ، أنه إذا نوى اليمين كان يمينا . فإنه قال في رواية مهنا    : إنه إذا قال : أنت علي حرام . ونوى يمينا ، ثم تركها أربعة أشهر  ، قال : هو يمين ، وإنما الإيلاء أن يحلف بالله أن لا يقرب امرأته . فظاهر هذا أنه إذا نوى اليمين كانت يمينا . وهذا مذهب  ابن مسعود  ، وقول  أبي حنيفة  ،  والشافعي    . وممن روي عنه عليه كفارة يمين  أبو بكر الصديق  ،  وعمر  ،  وابن عباس  ، وعائشة  ،  وسعيد بن المسيب  ، والحسن  ،  وعطاء  ،  وطاوس  ،  وسليمان بن يسار  ،  وقتادة  ، والأوزاعي    . 
وفي المتفق عليه عن  سعيد بن جبير  ، أنه سمع  ابن عباس  يقول : إذا حرم الرجل عليه امرأته ، فهي يمين يكفرها . وقال : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة    } . ولأن الله تعالى قال : { يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم    } .  [ ص: 318 ] فجعل الحرام يمينا . ومعنى قوله : نوى يمينا والله أعلم أنه نوى بقوله : أنت علي حرام . ترك وطئها ، واجتنابها ، وأقام ذلك مقام قوله : والله لا وطئتك . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					