الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5917 ) فصل : فإن قال : أنت طالق ، في كل سنة طلقة . فهذه صفة صحيحة ; لأنه يملك إيقاعه في كل سنة ، فإذا جعل ذلك صفة ، جاز ، ويكون ابتداء المدة عقيب يمينه ; لأن كل أجل ثبت بمطلق العقد ، ثبت عقيبه ، كقوله : والله لا كلمتك سنة . فيقع في الحال طلقة ; لأنه جعل السنة ظرفا للطلاق ، فتقع في أول جزء منها ، وتقع الثانية في أول الثانية ، والثالثة في أول الثالثة ، إن دخلتا عليها وهي في نكاحه ، لكونها لم تنقض عدتها ، أو ارتجعها في عدة الطلقة الأولى وعدة الثانية ، أو جدد نكاحها بعد أن بانت ، فإن انقضت عدتها فبانت منه ، ودخلت السنة الثانية وهي بائن ، لم تطلق ; لكونها غير زوجة له . فإن تزوجها في أثنائها ، اقتضى قول أكثر أصحابنا وقوع الطلاق عقيب تزويجه لها ; لأنه جزء من السنة الثانية التي جعلها ظرفا للطلاق ، ومحلا له ، وكان سبيله أن تقع في أولها ، فمنع منه كونها غير محل لطلاقه ; لعدم نكاحه حينئذ ، فإذا عادت الزوجية ، وقع في أولها . وقال القاضي : تطلق بدخول السنة الثالثة . وعلى قول التميمي ومن وافقه ، تنحل الصفة بوجودها في حال البينونة ، فلا تعود بحال .

                                                                                                                                            وإن لم يتزوجها حتى دخلت السنة الثالثة ، ثم نكحها ، طلقت عقيب تزويجها ، ثم طلقت الثالثة بدخول السنة الرابعة . وعلى قول القاضي ، لا تطلق إلا بدخول الرابعة ، ثم تطلق الثالثة بدخول الخامسة . وعلى قول التميمي ، قد انحلت الصفة . واختلف في مبدإ السنة الثانية ; فظاهر ما ذكره القاضي ، أن أولها بعد انقضاء اثني عشر شهرا من حين يمينه ; لأنه جعل ابتداء المدة حين يمينه . وكذلك قال أصحاب الشافعي . وقال أبو الخطاب : ابتداء السنة الثانية أول المحرم ; لأنها السنة المعروفة ، فإذا علق ما يتكرر على تكرر السنين ، انصرف إلى السنين المعروفة ، كقول الله تعالى : { أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام } .

                                                                                                                                            وإن قال : أردت بالسنة اثني عشر شهرا ; قبل ; لأنها سنة حقيقة . وإن قال : نويت أن ابتداء السنين أول السنة الجديدة من المحرم . دين . قال القاضي : ولا يقبل منه في الحكم ; لأنه خلاف الظاهر . والأولى أن يخرج على روايتين ; لأنه محتمل مخالف للظاهر .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية