( 5964 ) فصل : فإن قال : إن لم تكوني حاملا فأنت طالق . ولم تكن حاملا ، طلقت    . وإن أتت بولد لأقل من ستة أشهر من حين اليمين ، أو لأقل من أربع سنين ، ولم يكن يطؤها ، لم تطلق ; لأنا تبينا أنها كانت حاملا بذلك الولد . وإن مضت أربع سنين ولم تلد ، تبينا أنها طلقت حين عقد اليمين . وإن كان يطؤها ، وأتت بولد لأكثر من ستة أشهر وأقل من أربع سنين ، نظرت ; فإن ظهرت علامات الحمل ، من انقطاع الحيض ونحوه ، قبل وطئه ، أو قريبا منه ، بحيث لا يحتمل أن يكون من الوطء الثاني ، لم تطلق . وإن حاضت أو وجد ما يدل على براءتها من الحمل طلقت . 
وإن لم يظهر ذلك ، واحتمل أن يكون من الثاني ، ففيه وجهان ; أحدهما ، تطلق ; لأن الأصل عدم الحمل قبل الوطء . والثاني ، لا تطلق ; لأن اليقين بقاء النكاح ، فلا يزول بشك واحتمال ، ولا يجوز للزوج وطؤها قبل الاستبراء ; لأن الأصل عدم الحمل ووقوع الطلاق ، والاستبراء هاهنا بحيضة ، فإن وجدت الحيضة على عادتها ، تبينا وقوع طلاقها ، وإن لم تأت في عادتها ، كان ذلك دليلا على حملها وحل وطئها . وإن قال : إن كنت حاملا فأنت طالق . فهي عكس المسألة التي قبلها ، ففي الموضع الذي يقع الطلاق ثم لا يقع هاهنا ، وفي الموضع الذي لا يقع ثم يقع هاهنا ، إلا أنها إذا أتت بولد لأكثر من ستة أشهر ، من حين وطء الزوج بعد اليمين ، ولأقل من أربع سنين من حين عقد الصفة ، لم تطلق ; لأن تعين النكاح باق ، والظاهر حدوث الولد من الوطء ، لأن الأصل عدمه قبله . ولا يحل له الوطء حتى يستبرئها . نص عليه  أحمد    . 
قال  القاضي    : يحرم الوطء سواء قلنا : الرجعية مباحة أو محرمة ; لأنه يمنع المعرفة بوقوع الطلاق وعدمه . وقال  أبو الخطاب    : فيه رواية أخرى ، لا يحرم الوطء ; لأن الأصل بقاء النكاح ، وبراءة الرحم من الحمل . وإذا استبرأها ، حل وطؤها على الروايتين . ويكون الاستبراء بحيضة . قال  أحمد  ، في رواية أبي طالب    : إذا قال لامرأته : متى حملت فأنت طالق . لا يقربها حتى تحيض ، فإذا طهرت وطئها ، فإن تأخر حيضها أريت النساء من أهل المعرفة ، فإن لم يوجدن أو خفي عليهن ، انتظر عليها تسعة أشهر غالب مدة الحمل . 
وذكر  القاضي  فيها رواية أخرى ، أنها تستبرأ بثلاثة قروء ; ولأنه استبراء الحرة . وهو أحد الوجهين لأصحاب  الشافعي    . والصحيح ما ذكرناه ; لأن المقصود معرفة براءة رحمها ، وقد حصل بحيضة ، ولهذا قال عليه السلام : { لا توطأ حامل حتى تضع ، ولا حائل حتى تستبرأ بحيضة   } . يعني : تعلم براءتها بحيضة ، ولأن  [ ص: 351 ] ما يعلم به البراءة في حق الأمة والحرة واحد ; لأنه أمر حقيقي لا يختلف بالحرية والرق . وأما العدة ، ففيها نوع تعبد لا يجوز أن يعدى بالقياس . 
وهل تعتد بالاستبراء قبل عقد اليمين ، أو بالحيضة التي حلف فيها ؟  على وجهين ، أصحهما الاعتداد به ; لأنه يحصل به ما يحصل بالاستبراء بعد اليمين . والثاني ، لا يعتد به ; لأن الاستبراء لا يتقدم على سببه ، ولأنه لا يعتد به في استبراء الأمة . قال  أحمد  إذا قال لامرأته : إذا حبلت فأنت طالق    . يطؤها في كل طهر مرة . يعني إذا حاضت ثم طهرت حل وطؤها ; لأن الحيض علم على براءتها من الحمل ، ووطؤها سبب له ، فإذا وطئها اعتزلها ، لاحتمال أن تكون قد حملت من وطئه ، فطلقت به . 
				
						
						
