الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( كتاب الوقف وهو ) مصدر وقف بمعنى حبس وأحبس وسبل قال الحارثي وأوقف لغة لبني تميم ، وهو مما اختص به المسلمون قال الشافعي : لم يحبس أهل الجاهلية وإنما حبس أهل الإسلام والأصل فيه : ما روى عبد الله بن عمر قال { أصاب عمر أرضا بخيبر فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها فقال يا رسول الله إني أصبت مالا بخيبر لم أصب قط مالا أنفس عندي منه ، فما تأمرني فيه قال إن شئت حبست أصلها ، وتصدقت بها غير أنه لا يباع أصلها ولا يوهب ولا يورث قال فتصدق بها عمر في الفقراء وذوي القربى والرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف ، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف ، أو يطعم صديقا غير متمول فيه - وفي لفظ - غير متأثل } متفق عليه .

                                                                                                                      وقال جابر " لم يكن من أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ذو مقدرة إلا وقف قال القرطبي : لا خلاف بين الأئمة في تحبيس القناطر والمساجد واختلفوا في غير ذلك والوقف ( تحبيس مالك ) بنفسه أو وكيله ( مطلق التصرف ) وهو المكلف الحر الرشيد ( ماله المنتفع به مع بقاء عينه بقطع تصرف الواقف وغيره في رقبته ) أي المال .

                                                                                                                      قال الحارثي : معنى تحبيس الأصل [ ص: 241 ] إمساك الذات عن أسباب التملكات مع قطع ملكه فيها ( يصرف ريعه ) أي المال ( إلى جهة بر ) هذا معنى قولهم " وتسبيل المنفعة " أي إطلاق فوائد العين الموقوفة من غلة وثمرة وغيرها للجهة المعينة وقوله ( تقربا إلى الله تعالى ) تبع فيه صاحب المطلع والتنقيح .

                                                                                                                      ولعل المراد اعتبار ذلك لترتب الثواب عليه لا لصحة الوقف ، فكثير من الواقفين لا يقصد ذلك بل منهم من يقصد قصدا محرما ، كمن عليه ديون وخاف بيع عقاره فيها ، كما أشار إليه في شرح المنتهى أو يقال : هذا بيان أصل مشروعية الوقف وسمي وقفا لأن العين موقوفة ، وحبيسا لأن العين محبوسة ( وهو مسنون ) لقوله تعالى { وافعلوا الخير } ولفعله صلى الله عليه وسلم وفعل أصحابه .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية