الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      فصل في القسم بين الزوجتين فأكثر ( وهو توزيع الزمان على زوجاته ) إن كن ثنتين فأكثر ( ويلزم غير طفل أن يساوي بين زوجاته في القسم إذا كن حرائر كلهن أو ) كن ( إماء كلهن ) لأنه إذا قسم لواحدة أكثر من غيرها كان في ذلك ميل وقد قال تعالى { وعاشروهن بالمعروف } وليس مع الميل معروف .

                                                                                                                      وقال تعالى { ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء } ، لأن العدل أن لا يقع ميل ألبتة ، وهو متعذر ولو حرصتم على تحري ذلك ، وبالغتم فيه فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة التي ليست ذات بعل ولا مطلقة ، وعن أبي هريرة مرفوعا { من كان له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل } وعن عائشة { كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقسم بيننا فيعدل ثم يقول : اللهم إن هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما لا أملك } رواهما أبو داود .

                                                                                                                      ويكون ( ليلة ) و ( ليلة ) لأنه إن قسم ليلتين وليلتين أو أكثر من ذلك كان في ذلك تأخير لحق من لها الليلة الثانية للتي قبلها ( إلا أن يرضين بالزيادة ) على ليلة وليلة لأن الحق لا يعدوهن ( وعماد القسم الليل ) لأنه يأوي فيه الإنسان إلى منزله ويسكن إلى أهله ، وينام على فراشه مع زوجته عادة والنهار للمعاش قال الله تعالى { وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار [ ص: 199 ] معاشا } ( ويخرج في نهاره في معاشه وقضاء حقوق الناس وما جرت العادة به ولصلاة العشاء والفجر ولو قبل طلوعه كصلاة النهار ) قلت لكن لا يعتاد الخروج قبل الأوقات إذا كان عند واحدة دون الأخرى ، لأنه غير عدل بينهما .

                                                                                                                      أما لو اتفق ذلك بعض الأحيان أو لعارض فلا بأس ( وحكم السبعة ) للبكر والثلاث للثيب ( التي يقيمها عند المزفوفة ) إليه ( حكم سائر القسم ) في أن عمادها الليل ، وأنه يخرج بالنهار ، وللصلوات وما جرت العادة به ( فإن تعذر عليه ) أي الزوج ( المقام عندها ) أي عند ذات الليلة ( ليلا لشغل أو حبس أو ترك ذلك ) أي المقام عندها في ليلتها ( لغير عذر قضاه لها ) كسائر الواجبات ( ويدخل النهار تبعا لليلة الماضية ) لأن النهار تابع لليل ولهذا يكون أول الشهر وقالت عائشة { قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتي ، وفي يومي وإنما قبض - صلى الله عليه وسلم - نهارا } .

                                                                                                                      ( وإن أحب أن يجعل النهار مضافا إلى الليل الذي يتعقبه جاز ) له ذلك ( لأن ذلك لا يتفاوت ) والغرض التعديل بينهن وهو حاصل بذلك ( إلا لمن معيشته بالليل كالحارس فإنه يقسم بالنهار لأنه محل سكنه ، ويكون الليل تبعا للنهار ) في حقه .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية