( فإذا عزله الموكل في حضوره ) بأن قال عزلتك ( أو قال ) في حضوره أيضا ( رفعت الوكالة ، أو أبطلتها ) ظاهره انعزال الحاضر بمجرد هذا اللفظ ، وإن لم ينوه به ولا ذكر ما يدل عليه وأن الغائب في ذلك كالحاضر وعليه فلو تعدد له وكلاء ولم ينو أحدهم فهل ينعزل الكل ؛ لأن حذف المعمول يفيد العموم أو يلغو لإبهامه ، للنظر في ذلك مجال .
والذي يتجه في حاضر ، أو غائب ليس له وكيل غيره انعزاله بمجرد هذا اللفظ [ ص: 338 ] وتكون أل للعهد الذهني الموجب لعدم إلغاء اللفظ وأنه في التعدد ولا نية ينعزل الكل لقرينة حذف المعمول و لأن الصريح حيث أمكن استعماله في معناه المطابق له خارجا يجوز إلغاؤه ( أو أخرجتك منها انعزل ) في الحال لصراحة كل من هذه الألفاظ في العزل ( فإن عزله ، وهو غائب انعزل في الحال ) لأنه لم يحتج للرضا فلم يحتج للعلم كالطلاق وينبغي للموكل أن يشهد على العزل إذ لا يقبل قوله فيه بعد تصرف الوكيل ، وإن وافقه بالنسبة للمشتري مثلا من الوكيل أما في غير ذلك فإذا وافقه على العزل ولكن ادعى أنه بعد التصرف ليستحق الجعل مثلا ففيه التفصيل الآتي في اختلاف الزوجين في تقدم الرجعة على انقضاء العدة فإذا اتفقا على وقت العزل وقال تصرفت قبله وقال الموكل بعده حلف الموكل أنه لا يعلمه تصرف قبله ؛ لأن الأصل عدمه إلى ما بعده ، أو على وقت التصرف وقال عزلتك قبله فقال الوكيل : بل بعده حلف الوكيل أنه لا يعلم عزله قبله ، وإن لم يتفقا على وقت ، حلف من سبق بالدعوى أن مدعاه سابق لاستقرار الحكم بقوله : فإن جاءا معا فالذي يظهر تصديق الموكل ؛ لأن جانبه أقوى إذ أصل عدم التصرف أقوى من أصل بقائه ؛ لأن بقاءه متنازع فيه ثم رأيت شيخنا جزم بتصديق الموكل ولم يوجهه .
( فرع ) شهدت بينة أن فلانا القاضي ثبت عنده أن فلانا عزل وكيله فلانا عما وكله فيه قبل تصرفه لم تقبل من غير تعيين لما عزله فيه أخذا مما في الروضة عن الغزالي لو كان بيد ابن الميت عين فقال وهبنيها أبي وأقبضنيها في الصحة فأقام باقي الورثة بينة بأنه رجع فيما وهب لابنه ولم تذكر البينة ما رجع فيه لم تنزع من يده بهذه البينة لاحتمال أن هذه العين ليست المرجوع فيها . ا هـ .
ويؤخذ من تعليله أنه لو ثبت إقرار الأب بأنه إنما رجع في هذه أو بأنه لم يهبه غيرها أو صدق المتهب على هذا ولو ضمنيا قبلت بينة الرجوع لانتفاء ذلك الاحتمال فكذا يقال في مسألة الوكالة لو فسر الموكل بهذا التصرف ، أو لم يوكله في غيره ، أو صدقه المشتري على ذلك قبلت بينته ، وإن لم تعين وإنما لم ينظر والعموم ما فيما رجع ؛ لأنه خفي محتمل فأثر فيه ذلك الاحتمال ( وفي قول ) لا ينعزل ( حتى يبلغه الخبر ) [ ص: 339 ] ممن تقبل روايته كالقاضي وفرق الأول بتعلق المصالح الكلية بعمل القاضي فلو انعزل قبل بلوغ الخبر عظم ضرر الناس بنقض الأحكام وفساد الأنكحة بخلاف الوكيل وأخذ منه أن المحكم في واقعة خاصة كالوكيل وأن الوكيل العام كوكيل السلطان كالقاضي والذي يتجه خلافهما إلحاقا لكل بالأعم الأغلب في نوعه ولا ينعزل وديع ومستعير إلا ببلوغ الخبر وفارقا الوكيل بأن القصد منعه من التصرف الذي يضر الموكل بإخراج أعيانه عن ملكه وهذا يؤثر فيه العزل ، وإن لم يعلم به بخلافهما وإذا تصرف بعد العزل ، أو الانعزال بموت ، أو غيره جاهلا بطل تصرفه وضمن ما سلمه على الأوجه ؛ لأن الجهل لا يؤثر في الضمان ومن ثم غرم الدية والكفارة إذا قتل جاهلا العزل كما يأتي قبيل الديات ولا يرجع على المعتمد الآتي بما غرمه على موكله وإن غره وبهذا اعترض إفتاء الشاشي والغزالي فيما لو اشترى شيئا لموكله جاهلا بانعزاله فتلف في يده فغرم بدله رجع به على الموكل ؛ لأنه غره ولهما أن يجيبا بأن عدم الرجوع عليه لعلة لا تأتي هنا وهي أنه محسن ثم بالعفو وأيضا فالوكيل ثم مقصر بتوكله في إراقة الدم المطلوب عدمها ، ومن ثم تأكد ندب العفو ولا يضمن ما تلف في يده بعد العزل من غير تفريط وكالوكيل [ ص: 340 ] فيما ذكر عامل القراض


