[ ص: 178 ] ولما كان التقدير: "فعبد - مع أنا تفردنا بالإنعام عليه - غيرنا؛ وخاصم - بما خلقناه له من اللسان؛ وآتيناه من البيان - رسلنا؛ وجميع أهل ودنا"؛ عطف عليه قوله - مقبحا إنكارهم البعث؛ تقبيحا لا يرى أعجب منه؛ ولا أبلغ؛ ولا أدل على التمادي في الضلال؛ والإفراط في الجحود؛ وعقوق الأيادي -: وضرب   ؛ أي: هذا الإنسان; وسبب النزول أبي بن خلف الجمحي؛  الذي قتله النبي - صلى الله عليه وسلم - بـ  "أحد"؛  مبارزة؛ فهو المراد بهذا التبكيت بالذات؛ وبالقصد الأول؛ لنا  ؛ أي: على ما يعلم من عظمتنا؛ مثلا  ؛ أي: آلهته؛ التي عبدها؛ لكونها لا تقدر على شيء؛ مكابرا لعقله في أنه لا شيء يشبهنا؛ ونسي  ؛ أي: هذا الذي تصدى على نهاية أصله لمخاصمة الجبار؛ وأبرز صفحته لمجادلته؛ والنسيان هنا يحتمل أن يكون بمعنى الذهول؛ وأن يكون بمعنى الترك؛ خلقه  ؛ أي: خلقنا لهذا المخاصم؛ الدال على كمال قدرتنا؛ وأن آلهته التي أشرك بها لا تقدر على شيء؛ فافترق الحال الذي جمعه بالمثل أي افتراق؛ وصارا مقولا له: يا قليل الفطنة! أفمن يخلق كمن لا يخلق؟ أفلا تذكرون؟ ثم استأنف الإخبار عن هذا المثل بالإخبار عن استحالته  [ ص: 179 ] لأن يقدر أحد على إحياء الميت؛ كما أن معبوداته لا تقدر على ذلك؛ فقال: قال  ؛ أي: على سبيل الإنكار؛ من يحيي  
ولما كانت العظام أصلب شيء؛ وأبعده عن قبول الحياة؛ لا سيما إذا بليت؛ وأرفتت؛ قال: العظام وهي  ؛ ولما أخبر عن المؤنث باسم لما بلي من العظام؛ غير صفة؛ لم يثبت تاء التأنيث؛ فقال: رميم  ؛ أي: صارت ترابا يمر مع الرياح. 
				
						
						
