الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما فات الوصف هذا التشويق إلى هذا النعيم؛ رمى في نعته رمية أخرى؛ سبقت العقول؛ وتجاوزت حد الإدراك؛ وعلت عن تخيل الوهم؛ في استفهام منفر من ضده؛ بمقدار الترغيب فيه لمن كان له لب؛ فقال: أذلك ؛ الجزاء البعيد المنال؛ البديع المثال؛ خير نـزلا ؛ فأشار بذلك إلى أنه إنما هو شيء يسير؛ كما يقدم للضيف عند نزوله على ما لاح في جنب ما لهم وراء ذلك؛ مما لا تسعه العقول؛ ولا تضبطه الفهوم؛ أم شجرة الزقوم ؛ أي: التي تعرفها بأنها في غاية النتن؛ والمرارة؛ من قولهم: "تزقم الطعام"؛ إذا تناوله على كره؛ ومشقة شديدة؛ وعادل بين ما لا معادلة بينهما بوجه؛ تنبيها على ذلك؛ ولأنهم كانوا يرون [ ص: 239 ] ما سبب ذلك من الأعمال خيرا من أعمال المؤمنين؛ التي سببت لهم النعيم؛ فكأنهم كانوا يقولون: إن هذا العذاب خير من النعيم؛ فسيق ذلك كذلك توبيخا لهم على سوء اختيارهم.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية