[ ص: 149 ] فصل 
واعلم أن الهمزة إذا توسطت في الكلمة  ، أو وقعت طرفا منها ، وسكن ما قبلها ، وسواء كان ذلك الساكن حرف مد ولين فقط ، أو حرفا جامدا من سائر الحروف ؛ فإنها لم تصور خطا في الحالين في جميع المصاحف ؛ لأنها إذا سهلت ألقي حركتها على ذلك الساكن ، وأسقطت من اللفظ رأسا ، فلم تجعل لها صورة لذلك . 
فحروف المد نحو قوله : يراءون  ، و بريئون  ، و براءة  ، و بريء  ، و من سوء  وشبهه . 
وحروف اللين نحو : سوءة أخي  ، و " سوءاتكم " ، و كهيئة  ، و " استيئسوا " ، وشبهه . 
والحروف الجامدة نحو قوله : " وينئون عنه " ، و " يسئلون " ، و " يجئرون " ، و " لا تجئروا " ، و " لا تسئل " ، و " يسئمون " ،  [ ص: 150 ] و " لا يسئم " ، و بين المرء  ، و دفء  ، و يفر المرء  ، و ملء الأرض  وشبهه . 
إلا قوله : " أن تبوأ " ، و " لتنوأ " ، و السوأى  ؛ فإن الهمزة صورت في هذه الثلاثة ألفا ، كما قدمناه . 
وكذا صورت ياء في قوله في ( الكهف ) : موئلا   . 
فأما قوله : النشأة  في ( العنكبوت ) و ( النجم ) والواقعة ) ؛ فإن كتاب المصاحف اتفقوا على رسم ألف بعد الشين في ذلك ، إما على قراءة من فتح الشين ، وأثبت بعدها ألفا ؛ وإما على قراءة من أسكن الشين ، ولم يثبت بعدها ألفا في اللفظ ، إلا أن الهمزة صورت ألفا لتحركها بالفتح ، كما تصور مع الحركة . وذلك الأصل ، وحذف صورتها مع الساكن تخفيف واختصار . وأيضا فإن الساكن الواقع قبلها لما كان بمنزلة الموقوف عليه كانت هي بمنزلة المبتدأة التي تصور ألفا بأي حركة تحركت . ولذلك لم تجعل معه في التخفيف بين بين ، وحذفت حذفا . وهذه العلة في هذه المواضع وشبهها تؤذن  [ ص: 151 ] بمراد تحقيق الهمزة . فلذلك أثبتت صورتها فيها . والعلة الأولى تؤذن بتسهيلها ، فلذلك حذفت صورتها في المواضع التي حذفت فيها . 
والهمزة قد تصور على المذهبين من التحقيق والتسهيل دلالة على فشوهما واستعمالهما فيها . إلا أن أكثر الرسم ورد على التخفيف . والسبب في ذلك كونه لغة الذين ولوا نسخ المصاحف زمن عثمان - رحمه الله - ، وهم قريش   . وعلى لغتهم أقرت الكتابة حين وقع الخلاف بينهم وبين الأنصار فيها ، على ما ورد في الخبر الثابت المذكور في كتاب المرسوم . فلذلك ورد تصوير أكثر الهمز على التسهيل ، إذ هو المستقر في طباعهم ، والجاري على ألسنتهم . وأما القرآن  [ ص: 152 ] فمنزل بالوجهين من التحقيق والتخفيف . وهما من السبع اللغات التي أذن الله تعالى للأمة في استعمالها ، والقراءة بما شاءت منها . 
فإذا نقط جميع ما تقدم جعلت الهمزة نقطة بالصفراء بعد الساكن في السطر . وجعلت الحركات معها على ما تقدم . وتجعل النقطة بالصفراء ، وحركتها عليها في قوله : النشأة  في الألف نفسها ؛ لأنها صورة لها ، وذلك على قراءة من أسكن الشين . فأما على قراءة من فتح الشين فإن الهمزة تجعل ، وحركتها عليها ، بعد الألف في البياض . وكذا تجعل الهمزة نقطة بالصفراء في الياء نفسها في قوله : موئلا   . وتجعل حركتها تحتها . وبالله التوفيق . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					