( والحريق والغارة ) الأفصح الإغارة  ،  ومع ذلك فما استعمله المصنف  هنا أولى ; لأنها الأثر وهو العذر في الحقيقة ( في البقعة وإشراف الحرز على الخراب ) ولم يجد في الكل حرزا ينقلها إليه ( أعذار كالسفر ) في جواز إيداع من مر بترتيبه ( وإذا )   ( مرض ) مرضا ( مخوفا )    ( فليردها إلى المالك ) أو وليه ( أو وكيله ) العام أو الخاص بها ( وإلا ) بأن لم يمكن ردها لأحدهما ( فالحاكم ) الثقة المأمون يردها إليه ( أو أمين ) يردها إليه إن فقد الحاكم وسواء فيه هنا وفي الوصية الوارث وغيره  ،  فإن ظنه أمينا فبان غيره ضمن ; لأن الجهل لا يؤثر في الضمان 
ومحل ذلك عند وضع يد المظنون أمانته عليه  ،  وإلا فلا ضمان على الوديع في أوجه الوجهين إذ لم يحدث فيها فعلا ( أو ) عطف على ما بعد إلا ليفيد ضعف قول التهذيب تكفيه الوصية وإن تمكن من ردها لمالكها ( يوصي بها ) إلى الحاكم  ،  فإن فقده فإلى أمين كما أومأ إليه كلامه المار من أن الحاكم مقدم على الأمين في الدفع  ،  فكذا في الإيصاء فالتخيير المذكور محمول على ذلك كما تقرر  ،  والمراد بالوصية الإعلام بها ووصفها بما يميزها أو يشير لعينها من غير أن يخرجها من يده ويأمر بالرد إن مات  ،  ولا بد مع ذلك من الإشهاد كما في الرافعي  عن الغزالي  وأسقطه من الروضة وجزم به في الكفاية  ،  فإن لم يوجد في تركته ما أشار إليه أو وصفه فلا ضمان كما رجحه جمع متقدمون وإن أطال البلقيني  في الانتصار لخلافه . 
 [ ص: 119 ] ولا ضمان فيما إذا علم تلفها بعد الوصية بها بلا تفريط في حياته أو بعد موته وقبل تمكن الوارث من الرد  ،  ورجح المتولي  وغيره ضمان وارث قصر بعدم إعلام مالك جهل الإيصاء أو بعدم الرد بعد طلبه وتمكنه منه  ،  وإن وجد ما هو بتلك الصفة من غير تعدد لم يقبل قول الوارث أنها غير الوديعة لمخالفته لما أقر به مورثه أن ما بهذه الصفة ليس له  ،  فعلم أن قوله عندي وديعة لفلان أو ثوب له لا يدفع عنه الضمان وجد في الثانية في تركته ثوب أو لم يوجد  ،  وكذا لو وصفه ووجد عنده أثواب بتلك الصفة لتقصيره في البيان  ،  وفارق وجود عين واحدة هنا من الجنس وجود واحدة بالوصف بأنه لا تقصير ثم بخلافه هنا  ،  ولا يعطي شيئا مما وجد في هذه الصورة خلافا للسبكي  ومن تبعه  ،  وكالمرض المخوف ما ألحق به مما مر . 
نعم الحبس للقتل في حكم المرض هنا لا ثم كما مر ; لأن هذا حق آدمي ناجز فاحتيط له أكثر بجعل مقدمة ما يظن به الموت بمنزلة المرض ( فإن لم يفعل ) كما ذكر ( ضمن ) لتقصيره لتعريضها بالفوات ; لأن الوارث يعتمد ظاهر يده ويدعيها لنفسه وإن وجد خط مورثه ; لأنه كناية  ،  وقيده ابن الرفعة  بما إذا لم تكن بها بينة باقية وهو ظاهر معلوم مما مر في الوصية . 
ومحل الضمان بغير إيصاء وإيداع إذا تلفت الوديعة بعد الموت لا قبله كما صرح به الإمام ومال إليه السبكي    ; لأن الموت كالسفر فلا يتحقق الضمان إلا به وهذا هو المعتمد  ،  وإن ذهب الإسنوي  إلى كونه ضامنا بمجرد المرض حتى لو تلفت بآفة في مرضه أو بعد صحته ضمنها كسائر أسباب التقصير ومحله أيضا في غير القاضي . 
أما هو إذا مات ولم يوجد مال اليتيم في تركته فلا يضمنه وإن لم يوص به ; لأنه أمين الشرع  ،  بخلاف سائر الأمناء ولعموم ولايته  ،  قاله  ابن الصلاح    . 
قال : وإنما يضمن إذا فرط . 
قال السبكي    : وهذا تصريح منه بأن عدم إيصائه ليس تفريطا وإن مات عن مرض وهو الوجه  ،  وظاهر أن الكلام في القاضي الأمين كما مر . 
أما غيره فيضمن قطعا  ،  والضمان فيما ذكر ضمان تعد بترك المأمور لا ضمان عقد كما اقتضاه كلام الرافعي    ( إلا ) استثناء منقطع ; لأن القسم مرض مخوف ( إذا لم يتمكن بأن مات فجأة ) أو قتل غيلة فلا يضمن لانتفاء التقصير ولو لم يوص فادعى الوديع أنه قصر وقال الوارث : لعلها تلفت قبل أن ينسب إلي تقصير  صدق كما نقلاه عن الإمام  وأقراه  ،  واعتراض الإسنوي  له بأن الإمام  إنما قاله عند جزم الوارث بالتلف لا عند تردده فيه فإنه صحح حينئذ الضمان يمكن رده بأن الوارث غير متردد في التلف  ،  وإنما هو في أنه وقع قبل نسبته لتقصير أو بعده  ،  وحينئذ فلا ينافي ما نقله عن الإمام  ودعواه تلفها عند مورثه بلا تعد  ،  أو رد مورثه لها مقبولة . 
 [ ص: 120 ] كما قاله ابن أبي الدم  في وارث لوكيل ورجحاه في الثانية وإن خالف في ذلك السبكي  وغيره  ،  ولو جهل حالها ولم يقل الوارث شيئا بل قال لا أعلم فلا ضمان عليه  ،  وإن قيل إن قضية كلام الرافعي  وغيره الضمان هذا كله إن لم يثبت تعديه فيه . 
قال السبكي  وغيره : أو يوجد في تركته ما هو من جنسه أو ما يمكن أن يكون اشتراه بمال القراض في صورته ولم يكن قاضيا أو نائبه ; لأنه أمين الشرع فلا يضمن إلا إن تحققت خيانته أو تفريطه مات عن مرض أو لا ومحله في الأمين نظير ما مر  ،  ولا يقبل قول وارث الأمين أنه رد بنفسه أو تلف عنده أي وقد تمكن من الرد كما علم مما مر إلا ببينة وسائر الأمناء كالوديع فيما تقرر . 
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					