الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وإذا ) ( اجتمع أولياء ) من النسب ( في درجة ) ورتبة كإخوة أشقاء ، أو لأب أو أعمام كذلك وأذنت لكل منهم بانفراده ، أو قالت أذنت في فلان فمن شاء منكم فليزوجني منه ( استحب أن يزوجها أفقههم ) بباب النكاح ثم أورعهم ( و ) بعد ذلك ( أسنهم برضاهم ) أي باقيهم لأن الأفقه أعلم بشروط العقد والأورع أبعد عن التهمة والأسن أخبر بالأكفاء ، واحتيج لرضاهم لأنه أجمع للمصلحة ، ولو زوج المفضول صح ، أما لو أذنت لأحدهم فلا يزوج غيره إلا وكالة عنه ، وأما لو قالت زوجوني فإنه يشترط اجتماعهم ، وخرج بأولياء النسب المعتقون فيشترط اجتماعهم ، أو توكيلهم ، نعم عصبة المعتق كأولياء النسب فيكفي أحدهم ، فإن تعدد المعتق اشترط واحد من عصبة كل ( فإن تشاحوا ) فقال كل منهم أنا الذي أزوج واتحد الخاطب ( أقرع ) بينهم وجوبا قطعا للنزاع فمن قرع منهم زوج ولا تنتقل الولاية للحاكم ، وأما خبر { فإن تشاحوا فالسلطان ولي من لا ولي له } فمحمول على العضل ، فإن تعدد فمن ترضاه ، فإن رضيت الكل أمر الحاكم بتزويجها من أصلحهم ، ولو أذنت لجماعة من القضاة على أن يستقل كل منهم فتنازعوا فيمن يزوج فالظاهر كما قاله الزركشي عدم الإقراع لأن كلا منهم مأذون على انفراده ولا حظ له فيه فليبادر إلى التصرف إن شاء بخلاف الولي ، والأوجه كما قاله ابن داود استحباب إقراع السلطان ، فإن أقرع غيره جاز ، وإن ذهب ابن كج إلى تعين إقراع السلطان بين الأولياء ( ولو زوج ) بعد [ ص: 249 ] القرعة ( غير من خرجت قرعته وقد أذنت لكل منهم ) أي يزوجها ( صح ) تزويجه ( في الأصح ) للإذن فيه إذ القرعة قاطعة للنزاع لا سالبة للولاية .

                                                                                                                            والثاني لا يصح ليكون للقرعة فائدة ، ورد بما مر ، ولو بادر قبل القرعة صح قطعا من غير كراهة ، وخرج بقوله وقد أذنت لكل منهم ما لو أذنت لأحدهم فزوج الآخر فإنه لا يصح قطعا كما مر .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ولو زوج ) الأولى أن يعبر بالفاء لأنه مفرع على ما قبله ( قوله : أما لو أذنت لأحدهم ) أي معينا ( قوله : فلا يزوج ) أي لا يجوز ولا يصح ( قوله : فإنه يشترط اجتماعهم ) أي ويحصل ذلك باتفاقهم على واحد منهم فيكون تزويجه بالولاية عن نفسه وبالوكالة عن باقيهم أو باجتماعهم على الإيجاب وكتب سم على حج .

                                                                                                                            قال الأستاذ الكبير : فإن تشاحوا فطالب الانفراد عاضل ا هـ .

                                                                                                                            فانظر هل يزوج الحاكم حينئذ لأنها إنما أذنت للمجموع وقد عضل المجموع بعضل بعضه وتزويج البقية مشكل لأنها لم تأذن للبقية وحدها ا هـ .

                                                                                                                            أقول : الأقرب أنه لا يزوج الحاكم بل تراجع لتقصر الإذن على غير الممتنع فيزوجها دون الحاكم ( قوله : فمن أقرع ) أي خرجت له القرعة ( قوله : فإن تشاحوا ) لفظ رواية أبي داود " فإن تشاجروا " ولفظ جامع الأصول وتخريج أحاديث الرافعي والأعلام " اشتجروا " وكلاهما من التشاجر بالجيم والراء .

                                                                                                                            قال ابن رسلان : أي تنازعوا واختلفوا .

                                                                                                                            قال الله تعالى { حتى : يحكموك فيما شجر بينهم } وبه يعلم ما في كلام الشيخ كبعض نسخ المنهج ، ولفظ تخريج أحاديث الرافعي حديث عائذ { أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل ، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها ، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له } رواه الشافعي وأحمد وأبو داود والترمذي ( قوله : فإن تعدد ) أي الخاطب ، وقوله فإن رضيت لكل : أي بأن أذنت في التزويج بأي واحد منهم ( قوله : أمر الحاكم ) قضيته أنه لو استقل واحد بتزويجها من أحد الخاطبين من غير أمر الحاكم لم يصح وإن كان هو الأصلح ( قوله : فليبادر إلى التصرف ) أي أحدهم أي له ذلك كما له أن يشاور بقيتهم تطييبا لقلوبهم ( قوله : بخلاف الولي ) أي فإن أمسكوا روجع موليهم حج ( قوله : استحباب إقراع السلطان ) أي بين الأولياء لأن القرعة منه أقطع للنزاع منها إن وجدت من غيره ( قوله فإن أقرع غيره جاز ) أي حيث كان برضاهم في إقراعه وإلا فلا يعتد بإقراعه .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 248 ] قوله في فلان ) انظر هل هو قيد وما فائدته .




                                                                                                                            الخدمات العلمية