ولو ادعى الوارث علم الوديع بموت المالك وطلبها منه فله تحليفه على نفي علمه به ، فإن نكل حلف الوارث وأخذها ، وإن قال الوديع حبستها عندي لأنظر هل أوصى بها مكالها أو لا فهو متعد ضامن ، ولو أودعه ورقة مكتوبة بإقرار أو نحوه وتلفت بتقصيره ضمن قيمتها مكتوبة وأجرة الكتابة : أي وجوب قيمتها مع الأجرة ، ودعوى كون ذلك ممنوعا ونفى الأذرعي أن يكون له وجه مردودة ، إذ وجهه واضح كما أفاده الوالد رحمه الله تعالى ، وهو أن الكاغد قبل كتابته تكثر فيه الرغبة للانتفاع بالكتابة فيه فقيمته مرتفعة ، وبعد كتابته يصير لا قيمة له أو قيمته تافهة ، فلو لم تلزمه مع قيمته مكتوبا أجرة كتابة الشهود لأجحفنا بمالكه ; ولهذا المعنى لو أتلف ماء بمفازة ثم ظفر به مالكه بمكان لا قيمة للماء فيه لزمه قيمته لا مثله ، وإنما لزمت قيمة الثوب مطرزا دون أجرة التطريز لعدم الإجحاف بالمالك ; لأن قيمة الثوب تزيد بتطريزه ، بل كثيرا ما تجاوز الزيادة قيمة ما طرز به ، ومن نظائر مسألتنا ما لو أعار أرضا للدفن فحفر فيها المستعير ثم رجع المعير قبل الدفن فمؤنة الحفر عليه لولي الميت ، وما لو وطئ [ ص: 133 ] زوجته أو نقض وضوءها باللمس .
فإنه يلزمه ثمن ماء الغسل والوضوء ، وما لو حمى الوطيس ليخبز فيه فجاء آخر وبرده فإنه يلزمه أجرة ما يخبز فيه .


