[ ص: 184 ] ( ويستحب دينة ) بحيث يوجد فيها صفة العدالة لا العفة عن الزنا فقط للخبر المتفق عليه { فاظفر بذات الدين تربت يداك } أي استغنيت إن فعلت أو افتقرت إن لم تفعل ، وفي مسلمة تاركة للصلاة وكتابية تردد ، فيحتمل أن هذه أولى للإجماع على صحة نكاحها وبطلان نكاح تلك لردتها عند قوم ، ويحتمل تلك ; لأن شرط نكاح هذه مختلف فيه ورجح بعضهم الأول ، وهو ظاهر في الإسرائيلية ; لأن الخلاف القوي إنما هو في غيرها ، ويحتمل أن الأولى لقوي الإيمان والعلم هذه لأمنه من فتنتها وقرب سياسته لها إلى أن تسلم ولغيره تلك لئلا تفتنه هذه ( بكرا ) للأمر به مع تعليله بأنهن أعذب أفواها : أي ألين كلاما ، أو هو على ظاهره من أطيبيته وحلاوته ، وأنتق أرحاما : أي أكثر أولادا وأرضى باليسير من العمل : أي الجماع ، وأغر غرة بالكسر : أي أبعد من معرفة الشر والتفطن له ، وبالضم : أي غرة البياض أو حسن الخلق وإرادتهما معا أجود .
نعم الثيب أولى للعاجز عن الافتضاض ، ولمن عنده عيال يحتاج إلى كاملة تقوم عليهن كما استصوبه صلى الله عليه وسلم من جابر لهذا ، ويندب كما في الإحياء أن لا يزوج ابنته البكر إلا من بكر لم يتزوج قط ; لأن النفوس عن الإيناس بأول مألوف مجبولة ، ولا ينافيه ما تقرر من ندب البكر ولو للثيب ; لأن ذاك فيما يسن للزوج وهذا فيما يسن للولي ( نسيبة ) أي معروفة الأصل طيبة لنسبتها إلى العلماء والصلحاء وتكره بنت الزنا والفاسق ، وألحق بها اللقيطة ومن لا يعرف أبوها لخبر { تخيروا لنطفكم ولا تضعوها في غير الأكفاء } صححه الحاكم واعترض ( ليست قرابة قريبة ) لخبر فيه النهي عنه وتعليله بأن الولد يجيء نحيفا لكن لا أصل له ، ومن ثم نازع جمع في هذا الحكم بأنه لا أصل له وبإنكاحه صلى الله عليه وسلم عليا كرم الله وجهه ويرد بأن نحافة الولد الناشئة غالبا عن الاستحياء من القرابة القريبة معنى ظاهر يصلح أصلا لذلك ، والمراد بالقريبة من هي في أول درجات الخؤولة والعمومة ، وفاطمة بنت ابن عم فهي بعيدة ونكاحها أولى من الأجنبية لانتفاء ذلك المعنى مع حنو الرحم ، وتزوجه صلى الله عليه وسلم لزينب بنت جحش مع كونها بنت عمته لمصلحة حل نكاح زوجة المتبنى ، وتزويجه زينب بنته لأبي العاص مع أنها بنت خالته بتقدير وقوعه بعد النبوة واقعة حال فعلية فاحتمال كونه لمصلحة يسقطها ، وكل مما ذكر مستقل بالندب . [ ص: 185 ]
ويندب كونها ودودا ولودا ويعرف في البكر بأقاربها ، ووافرة العقل وحسنة الخلق وكذا بالغة وفاقدة ولد من غيره إلا لمصلحة ، وحسناء والمراد بالجمال كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى الوصف القائم بالذات المستحسن عند ذوي الطباع السليمة نعم تكره ذات الجمال المفرط ; لأنها تزهو به وتتطلع إليها أعين الفجرة ، ومن ثم قال أحمد : ما سلمت ذات جمال قط وخفيفة المهر ، وأن لا يزيد على امرأة واحدة من غير حاجة ظاهرة ، ويقاس بالزوجة السرية كما قاله ابن العماد ، وأن لا تكون شقراء ، قيل الشقرة بياض ناصع يخالطه نقط في الوجه لونها غير لونه ، ولا ذات مطلق لها إليه رغبة أو عكسه ولا في حلها له خلاف كأن زنى أو تمتع بأمها أو بها فرعه أو أصله أو شك بنحو رضاع .
وفي حديث عند الديلمي والخطابي { النهي عن نكاح الشهبرة الزرقاء البذية ، واللهبرة الطويلة المهزولة ، والنهبرة القصيرة الذميمة ، أو العجوز المدبرة } .
والهندرة : العجوز المدبرة أو المكثرة للهذر : أي الكلام في غير محله ، أو القصيرة الذميمة ، ولو تعارضت تلك الصفات فالأوجه تقديم ذات الدين مطلقا ثم العقل وحسن الخلق ثم النسب ثم البكارة ثم الولادة ثم الجمال ثم ما المصلحة فيه أظهر بحسب اجتهاده .
ويسن أن يتزوج في شوال ، وأن يدخل فيه ، وأن يعقد في المسجد ، وأن يكون مع جمع وأول النهار .


