( فإن ) ( عجز عن الصوم ) أو تتابعه ( بهرم أو مرض ) عطف عام على خاص على ما قيل ( قال الأكثرون لا يرجى زواله ) وقال الأقلون كالإمام ومن تبعه ، وصححه في الروضة وهو المعتمد يعتبر دوامه في ظنه مدة شهرين بالعادة الغالبة في مثله أو بقول الأطباء ، والأوجه الاكتفاء بقول عدل منهم ( أو لحقه بالصوم ) أو تتابعه ( مشقة شديدة ) أي لا تحتمل عادة ولو لم تبح التيمم فيما يظهر ، ويؤيده تمثيلهم لها بالشبق . نعم غلبة الجوع ليست عذرا عن ابتداء عقده حينئذ فيلزمه الشروع في الصوم ، فإذا عجز عنه أفطر وانتقل للإطعام ، بخلاف الشبق لوجوده عند الشروع إذ هو شدة الغلمة ، وإنما لم يكن عذرا في صوم رمضان لأنه لا بدل له ، ولو كان يقدر على الصوم في الشتاء ونحوه دون الصيف فله العدول إلى الإطعام لعجزه الآن عن الصوم ، كما لو عجز عن الإعتاق الآن وعرف أنه لو صبر قدر عليه جاز له العدول إلى الصوم كما اقتضاه كلامهم ( أو خاف زيادة مرض كفر ) في غير القتل كما يأتي ( بإطعام ) أي تمليك وآثر الأول لأنه لفظ القرآن فحسب إذ لا يجزئ حقيقة إطعام .
وقياس الزكاة الاكتفاء بالدفع ولو لم يوجد لفظ تمليك ، واقتضاء الروضة اشتراطه استبعده الأذرعي ، على أنها لا تقتضي ذلك لأنها مفروضة في صورة خاصة كما يعرف بتأملها ( ستين مسكينا ) للآية لا أقل حتى لو دفع لواحد ستين مدا في ستين يوما لم يجز ، بخلاف ما لو جمع الستين [ ص: 102 ] ووضع الطعام بين أيديهم وقال ملكتكم هذا وإن لم يقل بالسوية فقبلوه ولهم في هذه القسمة بالتفاوت ، بخلاف ما لو قال خذوه ونوى الكفارة فإنه إنما يجزئه إن أخذوه بالسوية وإلا لم يجز إلا من أخذ مدا لا دونه .
ويفرق بين هذه وتلك بأن المملك ثم القبول الواقع بالتساوي قبل الأخذ وهنا لا مملك إلا الأخذ فاشترط التساوي فيه ( أو فقيرا ) لأنه أسوأ حالا أو البعض فقراء والبعض مساكين ، ولا أثر لقدرته على صوم أو عتق بعد الإطعام ولو لمدة كما لو شرع في صوم يوم من الشهرين فقدر على العتق ( لا كافرا ) ولا من تلزمه مؤنته ولا مكفيا بنفقة غيره ولا قنا ولو للغير إلا بإذنه وهو مستحق لأن الدفع له حقيقة ( ولا هاشميا ومطلبيا ) ونحوهم كالزكاة بجامع التطهير ( ستين مدا ) لكل واحد مد لأنه صح في رواية وصح في أخرى ستون صاعا ، وهي محمولة على بيان الجواز الصادق بالندب لتعذر النسخ فتعين الجمع بما ذكر ، وإنما يجزئ الإخراج هنا ( مما ) أي من طعام ( يكون فطرة ) بأن يكون من غالب قوت محل المكفر في غالب السنة كالأقط ولو للبلدي فلا يجزئ نحو دقيق مما مر ، نعم اللبن يجزئ ثم لا هنا على ما وقع للمصنف في تصحيح التنبيه لكن الصحيح إجزاؤه هنا أيضا ، والأوجه أن المراد بالمكفر هنا المخاطب بالكفارة لا مأذونه أو وليه ليوافق ما مر ، ثم إن العبرة ببلد المؤدى عنه لا المؤدي فإن عجز عن الجميع استقرت في ذمته ، فإذا قدر على خصلة فعلها كما علم من كلامه في الصوم ، ولا أثر للقدرة على بعض عتق أو صوم ، بخلاف بعض الطعام ولو بعض مد إذ لا بدل له فيخرجه ، ثم الباقي في ذمته إلى يساره في أوجه الوجهين ، ولو اجتمع عليه كفارتان ولم يقدر إلا على رقبة أعتقها عن إحداهما وصام عن الأخرى إن قدر وإلا أطعم .


