الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولو ) ( قال مستحق يمين ) وهو مكلف لحر جان مكلف ( أخرجها ) أي يمينك لأقطعها قودا ( فأخرج يسارا وقصد إباحتها ) فقطعها المستحق ( فمهدرة ) لا ضمان فيها : أي بقصاص ولا دية حتى لو مات بسراية فهدر سواء أتلفظ بالإذن أم لا ، وسواء أعلم القاطع أنها اليسار أم لا ; لأنه بذلها مجانا ، وقد وجد منه فعل الإخراج مقرونا بالنية فكان كالنطق ويبقى قصاص اليمين ، نعم لو قال القاطع : ظننت إجزاءها أو أخذتها عوضا سقط قصاصها ووجبت ديتها .

                                                                                                                            أما المستحق المجنون أو الصبي فالإخراج له يهدرها لأنه تسليط له عليها .

                                                                                                                            وأما القن فقصده الإباحة لا يهدر يساره ; لأن الحق لمالكه ، نعم يتجه سقوط قودها إن كان القاطع قنا .

                                                                                                                            وأما المخرج المجنون أو الصبي فلا عبرة بإخراجه ، ثم إن علم المقتص قطع وإلا لزمته الدية ( وإن ) ( قال ) المخرج بعد قطعها ( جعلتها ) حالة الإخراج عوضا [ ص: 308 ] ( عن اليمين وظننت إجزاءها ) عنها ( فكذبه ) المستحق في الظن المترتب عليه الجعل المذكور ( فالأصح ) أنه ( لا قصاص في اليسار ) لتسليط مخرجها عليها بجعلها عوضا ( وتجب دية ) فيها وكذا لو قال القاطع : عرفت أنها اليسار وأنها لا تجزئ أو ظننتها اليمين أو ظننت أنه أباحها ( ويبقى قصاص اليمين ) إلا إذا ظن القاطع إجزاءها أو أخذها عوضا كما مر ، نعم يلزمه الصبر به إلى اندمال يساره لئلا تهلكه الموالاة ، ومقابل الأصح فيها القصاص ; لأن قطعها بلا استحقاق ، وأشرت تبعا للشارح بقولي : وكذبه في الظن المترتب عليه الجعل إلى دفع الاعتراض على المصنف بأنه لا يطابق قول المحرر عرفت أنها اليسار وأنها لا تجزئ بناء على ما فهمه من أن التاء مفتوحة للمخاطب ، ووجه الدفع أن تكذيبه في الظن المرتب عليه الجعل هو مدلول قول أصله وعرفت أنها لا تجزئ ( وكذا لو قال ) المخرج ( دهشت ) بفتح أوله أو ضمه وكسر ثانيه ( فظننتها اليمين وقال القاطع ) أيضا ( ظننتها اليمين ) أي فلا قصاص فيها في الأصح وتجب ديتها ويبقى قصاص اليمين ، نعم إن قال القاطع ظننت أنه أباحها أو علمت أنها اليسار وأنها لا تجزئ أو دهشت فلم أدر ما قطعت لزمه قصاصها أو ظن إجزاءها أو أخذها عوضا سقط قصاص اليمين كما مر ، ولو قال المخرج : لم أسمع من المقتص إلا قوله : أخرج يسارك أو كان مجنونا فكقوله دهشت وحيث وجبت دية اليسار ففي ماله .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : فمهدرة ) . [ فرع ]

                                                                                                                            على المبيح الكفارة إن مات سراية كقاتل نفسه ، وإنما لم تجب على المباشر ; لأن السراية حصلت بقطع يستحق مثله ا هـ من الروض وشرحه ا هـ سم على منهج

                                                                                                                            ( قوله : سقط قصاصها ) أي يمينه ( قوله : ثم إن علم المقتص ) أي [ ص: 308 ] أي علم الصبي والمجنون

                                                                                                                            ( قوله : فكذبه ) أي أو صدقه ا هـ عميرة

                                                                                                                            ( قوله : إلا إذا ظن القاطع ) ع : مثله لو قال علمت أنها لا تجزي شرعا ولكن قصدت جعلها عوضا صرح بذلك في الروضة ا هـ سم على منهج .

                                                                                                                            وكتب عليه أيضا ما نصه : هذا واضح إذا كان الظان المستحق ووكل في قطعها فإنه لا يقطع بنفسه كما تقدم أو تعدى وقطع بنفسه ، وأما إذا كان الظان هو الوكيل فقط ولم يصدر من المستحق إلا مجرد التوكيل فالوجه بقاء القود أيضا كما أقره طب تأمل : أي وعلى الوكيل دية اليسار ولا قصاص عليه فيها لظنه الإجزاء ا هـ

                                                                                                                            ( قوله : من أن التاء ) أي في ظننت مفتوحة ( قوله أو ضمه ) أي فهو كحم وزكم مما هو مبني للمفعول صورة وللفاعل معنى بل قيل إن هذا مبني للفاعل حقيقة والتجوز في الصيغة حيث عبر بالمبني للمفعول وأريد المبني للفاعل

                                                                                                                            ( قوله : فكقوله دهشت ) قال سم على منهج : هذا ما في كتب الأصحاب ، لكن قضية قولهم : إن الفعل المطابق للسؤال كالإذن أن يلتحق بصورة الإباحة ا هـ كذا بخط شيخنا المحلي : أي فتكون مهدرة ( قوله : ففي ماله ) أي القاطع وهو المجني عليه أولا .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 307 ] قوله : فالإخراج ) أي بمجرده ، وإن لم يقترن به قصد الإباحة ( قوله : إن كان القاطع قنا ) أي أما إن كان حرا فمعلوم أنه لا قود عليه مطلقا ، فالتقييد بالقن لتصور كون الإخراج هو المسقط بمجرده ( قوله : أو الصبي ) أي إخراجه من حيث هو لا في خصوص ما نحن فيه من كونه جانيا ، وإلا فالصبي لا قصاص عليه [ ص: 308 ] قوله : وكذا لو قال إلخ . ) حق العبارة سواء أقال القاطع إلخ . كما هو كذلك في شرح الروض ( قوله : بقولي وكذبه ) ينبغي حذفه لأنه من قول المتن لا من قوله هو ( قوله : بناء على ما فهمه ) هو علة لدفع الاعتراض .

                                                                                                                            وحاصل ذلك أنه كالشارح الجلال ، إنما أشار بما ذكر لدفع الاعتراض الوارد على المصنف بناء على ما فهمه من فتح التاء حتى عبر عنه بالتكذيب ، أما على ما فهمه غير المصنف وهو ضم التاء فإنه ، وإن كان معترضا أيضا إلا أن الشارح لم يشر إلى دفع الاعتراض عنه كأنه لأنه خلاف الواقع ( قوله : نعم إن قال القاطع إلخ . ) عبارة التحفة : وخرج بقول القاطع ذلك ما لو قال علمت أنها اليسار وأنها لا تجزئ أو دهشت إلخ .




                                                                                                                            الخدمات العلمية