الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولو ) ( أشرفت سفينة ) بها متاع وراكب ( على غرق ) وخيف غرقها بما فيها ( جاز ) عند توهم النجاة بأن اشتد الأمر وقرب اليأس ولم يفد الإلقاء إلا على ندور أو عند غلبة ظن النجاة بأن لم يخش من عدم الطرح إلا نوع خوف غير قوي ( طرح متاعها ) حفظا للروح : يعني ما يندفع به الضرر في ظنه من الكل أو البعض كما أشارت إليه عبارة أصله ( ويجب ) طرح ذلك ( لرجاء نجاة الراكب ) أي لظنها مع قوة الخوف لو لم يطرح ، وينبغي أي للمالك فيما إذا تولى الإلقاء بنفسه أو تولاه غيره كالملاح بإذنه العام له .

                                                                                                                            قال البلقيني : بشرط إذن المالك في حالة الجواز دون الوجوب ، فلو كان لمحجور لم يجز إلقاؤه في محل الجواز ويجب في محل الوجوب ، ولو كان مرهونا أو لمحجور عليه بفلس أو لمكاتب أو لعبد مأذون له عليه ديون لم يجز إلقاؤه إلا باجتماع الغرماء أو الراهن والمرتهن أو السيد والمكاتب أو السيد والمأذون ، قال : فلو رأى الولي إلقاء بعض أمتعة محجوره ليسلم به باقيها فقياس قول أبي عاصم العبادي فيما لو خاف الولي استيلاء غاصب على المال أن له أن [ ص: 367 ] يؤدي شيئا لتخليصه جوازه هنا ، ويجب إلقاؤه وإن لم يأذن مالكه إذا خيف الهلاك لسلامة حيوان محترم لا حربي ومرتد وزان محصن وإلقاء حيوان ولو محترما لسلامة آدمي محترم إن لم يمكن في دفع الغرق غيره وإن أمكن لم يجز الإلقاء .

                                                                                                                            قال الأذرعي : نعم لو كان هناك أسرى من الكفار وظهر للأمير أن المصلحة في قتلهم فيشبه أن يبدأ بإلقائهم قبل الأمتعة وقبل الحيوان المحترم وهو ظاهر ، وينبغي أن يراعى في الإلقاء تقديم الأخس فالأخس قيمة من المتاع والحيوان إن أمكن حفظا للمال حسب الإمكان لا عبيد لأحرار ، فإن لم يلق من لزمه الإلقاء حتى حصل الغرق وهلك به شيء أثم ولا ضمان ويحرم إبقاء المال ولو ماله بلا خوف

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : طرح متاعها ) أي ولو مصحفا وكتب علم

                                                                                                                            ( قوله : من الكل ) وعليه فالإضافة في كلام المصنف للعهد

                                                                                                                            ( قوله : لرجاء نجاة الراكب ) أقول : وينبغي أن يقال بمثل هذا التفصيل فيما لو طلع لصوص على سفينة وهو يقع كثيرا فتنبه له ( قوله ويجب في محل الوجوب ) أي مع الضمان [ ص: 367 ]

                                                                                                                            ( قوله : جوازه ) أي ولا ضمان عليه : أي بل ينبغي وجوبه ولا ينافيه التعبير بالجواز ; لأنه جواز بعد منع فيصدق بالواجب

                                                                                                                            ( قوله : ويجب إلقاؤه ) أي مع الضمان

                                                                                                                            ( قوله : لسلامة حيوان محترم ) أي ولو كلبا

                                                                                                                            ( قوله : وزان محصن ) وكلب عقور وتارك الصلاة بعد أمر الإمام وقاطع الطريق

                                                                                                                            ( قوله : في قتلهم ) أي أو لم يظهر له شيء ( قوله : فيشبه أن يبدأ بإلقائهم قبل الأمتعة ) قال م ر : ويجب قتلهم قبل إلقاء الأمتعة إن أمكن ا هـ سم على منهج

                                                                                                                            ( قوله : وينبغي أي للمالك إلخ ) عبارة حج : وينبغي أي للمالك فيما إذا تولى الإلقاء بنفسه أو تولاه غيره كالملاح بإذنه العام له ، فاندفع ما للبلقيني هنا تقديم الأخف قيمة إن أمكن ا هـ

                                                                                                                            ( قوله : وينبغي أن يراعى في الإلقاء تقديم الأخس ) أي يجب ، وقيد م ر وجوب مراعاة ما ذكر بما إذا كان الملقي غير المالك ، فإن كان هو المالك لم يجب عليه ذلك ; لأنه قد يتعلق غرضه بالأخس دون غيره ، فغاية الأمر أنه أتلف الأشرف لغرض سلامة غيره المتعلق به غرضه ا هـ سم على منهج

                                                                                                                            ( قوله : لا عبيد ) أي ولا كافر لمسلم ولا جاهل لعالم متبحر وإن انفرد ، ولا غير شريف لشريف ، ولا غير ملك لملك وإن كان عادلا لاشتراك الجميع في أن كلا آدمي محترم

                                                                                                                            ( قوله : ويحرم إلقاء المال ) أي في البحر لا لغرض ، وعليه فما يقع الآن من رمي الخبز في البحر لطير الماء والسمك لم يحرم ، وإن كان له قيمة ; لأنه قربة ، ومثل ذلك ما لو رماه ليصيد به ، وإن لم يكن صيده قربة ; لأنه غرض صحيح ، وإتلاف المال لتحصيل الغرض الصحيح جائز



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : وينبغي ) هو من كلام الأذرعي [ ص: 367 ] أيضا فكان ينبغي أن يثبت قبله لفظ قال




                                                                                                                            الخدمات العلمية