الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولو ) ( قال ) والله ( لا أجامعك ) سنة أو ( إلى سنة ) وأراد سنة كاملة أو أطلق أخذا مما مر في الطلاق ( إلا مرة ) وأطلق ( فليس بمول في الحال في الأظهر ) لأنه لا حنث بوطئه مرة لاستثنائها أو السنة فإن بقي منها عند الحلف مدة الإيلاء فإيلاء وإلا فلا ( فإن وطئ وبقي منها ) أي من السنة ( أكثر من أربعة أشهر فمول ) من يومئذ لحنثه به فحينئذ يمتنع منه ، أو أربعة أشهر فأقل فحالف فقط وإن لم يطأها حتى مضت السنة انحل الإيلاء ولا كفارة عليه ، ولا نظر لاقتضاء اللفظ وطأه مرة لأن القصد منع الزيادة عليها لا إيجادها . والثاني هو مول في الحال لأنه بالوطء مرة يقرب من الحنث ، وعليه فلا مطالبة بعد مضي المدة ، فإن وطئ لم يلزمه شيء لأن الوطأة الواحدة مستثناة ، وتضرب المدة ثانيا إن بقي من السنة مدة الإيلاء ، ولو قال السنة بالتعريف اقتضى الحاضرة ، فإن بقي منها فوق أربعة أشهر بعد وطئه العدد الذي استثناه كان موليا وإلا فلا ، أو قال لا أصبتك إن شئت وأراد مشيئتها الجماع أو الإيلاد فقالت [ ص: 77 ] شئت فورا صار موليا لوجود الشرط وإلا فلا ، بخلاف ما لو قال متى شئت أو نحوها فلا تشترط الفورية ، وإن أراد إن شئت أن لا أجامعك فلا إيلاء إذ معناه لا أجامعك إلا برضاك ولا يلزمه بوطئها برضاها شيء .

                                                                                                                            وكذا لو أطلق المشيئة حملا لها على مشيئته عدم الجماع لأنه السابق إلى الفهم ، أو والله لا أصبتك إلا أن تشائي أو ما لم تشائي وأراد التعليق للإيلاء أو الاستثناء عنه فمول لأنه حلف وعلق رفع اليمين بالمشيئة ، وإن شاءت الإصابة فورا انحل الإيلاء وإلا فلا ، أو والله لا أصبتك حتى يشاء فلان فإن شاء الإصابة ولو متراخيا انحلت يمينه ، وإن لم يشأها صار موليا بموته قبل المشيئة لليأس منها لا بمضي مدة الإيلاء لعدم اليأس من المشيئة ، أو إن وطئتك فعبدي حر قبله بشهر ومضى شهر صار موليا إذ لو جامعها قبل مضيه لم يحصل العتق لتعذر تقدمه على اللفظ وينحل الإيلاء بذلك الوطء ، فإن وطئ بعد شهر في مدة الإيلاء أو بعدها وقد باع العبد قبله بشهر انحل الإيلاء لعدم لزوم شيء بالوطء حينئذ لتقدم البيع على وقت العتق أو مقارنته له ، وإن باعه قبل أن يجامع بدون شهر من البيع تبين عتقه قبل الوطء بشهر فيتبين بطلان بيعه ، وفي معنى بيعه كل ما يزيل الملك من هبة أو موت أو غيرهما .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : إلا مرة وأطلق ) خرج به ما لو قصد أنه يطؤها مرة لا أكثر ، فإذا مضت السنة ولم يطأ حنث لعدم وجود المحلوف عليه .

                                                                                                                            [ فرع ] قال سم على حج : وقد سئل شيخنا الشهاب الرملي عما قاله البلقيني فيمن حلف بالطلاق على صديقه أنه لا يبيت ليلة الجمعة عند أحد إلا عنده فمضت الجمعة ولم يبت عنده : أي ولا عند غيره كما هو ظاهر ، فلو بات عند غيره حنث لأن المبيت عند غيره هو الممنوع منه المحلوف عليه منه بعدم الحنث كما نقله عند العراقي فأجاب بأن ما قاله البلقيني معتمد ، وهو حينئذ نظير ما ذكر هنا عن البلقيني في مسألة الشكوى ، لأن التقدير لا يبيت ليلة الجمعة عند أحد إلا عنده ، فالغرض والقصد نفي المبيت ليلة الجمعة عند غيره لا إيجاد المبيت ليلة الجمعة عنده . فإن قلت : أحد في قولكم لا أبيت ليلة الجمعة عند أحد شامل لنفس المحلوف عليه لأنه أحد ، فإذا بات في بيت نفسه فقد بات عند أحد غير الحالف فينبغي الحنث . قلت : قضية ما قاله البلقيني وأقره العراقي وبين شيخنا الشهاب الرملي أن ذلك معتمد أنه لا التفات إلى ذلك الشمول ، وكأن وجه ذلك أنه لا يراد في العرف العام بأحد في مثل ذلك إلا غير المحلوف عليه ، هذا هو مقتضى ما قاله هؤلاء الأئمة في هذه المسألة فليتأمل ا هـ ( قوله : أو السنة ) كذا في نسخة والأولى إسقاطها لما يأتي في قوله ولو قال السنة إلخ ( قوله : وعليه ) أي الثاني [ ص: 77 ] قوله : انحل الإيلاء وإلا فلا ) دخل فيه ما لو شاءت الإصابة بعد مدة فلا تنحل اليمين ، وانظر وجهه وأي فرق بينه وبين قوله حتى يشاء فلان إلخ .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : أو السنة ) عطف على قول المتن سنة ( قوله : فإن بقي منها عند الحلف إلخ . ) لعل الصورة أنه اقتصر على قوله لا أجامع السنة ولم يأت باستثناء وإن أبى السياق هذا وإلا فسيأتي قريبا مسألة ما إذا استثنى .




                                                                                                                            الخدمات العلمية