[ ص: 402 ] كتاب البغاة
جمع باغ سموا بذلك لمجاوزتهم الحد . والأصل فيه آية {
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=9وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا } وليس فيها ذكر الخروج على الإمام صريحا لكنها تشمله لعمومها أو تقتضيه ; لأنه إذا طلب القتال لبغي طائفة على طائفة فللبغي على الإمام أولى . وقد أخذ قتال المشركين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقتال المرتدين من
nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق وقتال البغاة من
علي ،
nindex.php?page=treesubj&link=9707_9519_9516والبغي ليس اسم ذم عندنا ; لأنهم إنما خالفوا بتأويل جائز في اعتقادهم لكنهم مخطئون فيه فلهم لما فيهم من أهلية الاجتهاد نوع عذر ، وما ورد من ذمهم وما وقع في كلام الفقهاء في بعض المواضع من عصيانهم أو فسقهم محمولان على من لا أهلية فيه للاجتهاد أو لا تأويل له أو له تأويل قطعي البطلان : أي وقد عزموا على قتالنا أخذا مما يأتي في
الخوارج ( هم ) مسلمون ( مخالفو الإمام ) ولو جائرا ( بخروج عليه وترك ) عطف تفسير ( الانقياد ) له سواء أسبق منهم انقياد أم لا كما هو ظاهر إطلاقهم ( أو منع حق ) طلبه منهم وقد ( توجه عليهم ) الخروج منه كزكاة أو حد أو قود ( بشرط شوكة لهم ) بكثرة أو قوة بحيث يمكن معها مقاومة الإمام ويحتاج إلى احتمال كلفة من بذل مال وإعداد رجال ونصب قتال ونحوها ليردهم إلى الطاعة ( وتأويل ) فاسد لا يقطع ببطلانه بل يعتقدون به جواز الخروج كتأويل الخارجين على
علي رضي الله عنه بأنه يعرف قتلة
عثمان رضي الله عنه ويقدر عليهم ولا يقتص منهم لمواطأته إياهم على ما قيل .
والوجه أخذا من سيرهم في ذلك أن رميه بالمواطأة الممنوعة
[ ص: 403 ] لم تصدر ممن يعتد به ; لأنه برئ من ذلك ، وتأويل بعض مانعي الزكاة من
أبي بكر رضي الله عنه بأنهم لا يدفعون الزكاة إلا لمن صلاته سكن لهم وهو النبي صلى الله عليه وسلم ، أما إذا خرجوا بلا تأويل كمانعي حق الشرع كالزكاة عنادا أو بتأويل يقطع ببطلانه كتأويل المرتدين أو لم يكن لهم شوكة فليس لهم
nindex.php?page=treesubj&link=9708_9705_9707حكم البغاة كما سيأتي تفصيله ( ومطاع فيهم ) يصدرون عن رأيه ، وإن لم يكن منصوبا إذ لا شوكة لمن لا مطاع لهم فهو شرط لحصولها إلا أنه شرط آخر غيرها ( قيل وإمام منصوب ) منهم عليهم ، ورد بأن
عليا قاتل أهل الجمل ولا إمام لهم وأهل
صفين قبل نصب إمامهم ، ولا يشترط على الصحيح جعلهم لأنفسهم حكما غير حكم الإسلام ولا انفرادهم بنحو بلد ولو
nindex.php?page=treesubj&link=9705حصلت لهم القوة بتحصنهم بحصن فهل هو كالشوكة أو لا المعتمد كما رواه
الإمام أنه إن كان الحصن بحافة الطريق وكانوا يستولون بسببه على ناحية وراء الحصن ثبت لهم الشوكة وحكم البغاة ، وإلا فليسوا بغاة ، ولا يبالي بتعطيل عدد قليل ، وقد جزم بذلك في الأنوار
[ ص: 402 ] كِتَابُ الْبُغَاةِ
جَمْعُ بَاغٍ سُمُّوا بِذَلِكَ لِمُجَاوَزَتِهِمْ الْحَدَّ . وَالْأَصْلُ فِيهِ آيَةُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=9وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا } وَلَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الْخُرُوجِ عَلَى الْإِمَامِ صَرِيحًا لَكِنَّهَا تَشْمَلُهُ لِعُمُومِهَا أَوْ تَقْتَضِيه ; لِأَنَّهُ إذَا طُلِبَ الْقِتَالُ لِبَغْيِ طَائِفَةٍ عَلَى طَائِفَةٍ فَلِلْبَغْيِ عَلَى الْإِمَامِ أَوْلَى . وَقَدْ أُخِذَ قِتَالُ الْمُشْرِكِينَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقِتَالُ الْمُرْتَدِّينَ مِنْ
nindex.php?page=showalam&ids=1الصِّدِّيقِ وَقِتَالُ الْبُغَاةِ مِنْ
عَلِيٍّ ،
nindex.php?page=treesubj&link=9707_9519_9516وَالْبَغِيُّ لَيْسَ اسْمَ ذَمٍّ عِنْدَنَا ; لِأَنَّهُمْ إنَّمَا خَالَفُوا بِتَأْوِيلٍ جَائِزٍ فِي اعْتِقَادِهِمْ لَكِنَّهُمْ مُخْطِئُونَ فِيهِ فَلَهُمْ لِمَا فِيهِمْ مِنْ أَهْلِيَّةِ الِاجْتِهَادِ نَوْعُ عُذْرٍ ، وَمَا وَرَدَ مِنْ ذَمِّهِمْ وَمَا وَقَعَ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ مِنْ عِصْيَانِهِمْ أَوْ فِسْقِهِمْ مَحْمُولَانِ عَلَى مَنْ لَا أَهْلِيَّةَ فِيهِ لِلِاجْتِهَادِ أَوْ لَا تَأْوِيلَ لَهُ أَوْ لَهُ تَأْوِيلٌ قَطْعِيُّ الْبُطْلَانِ : أَيْ وَقَدْ عَزَمُوا عَلَى قِتَالِنَا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي
الْخَوَارِجِ ( هُمْ ) مُسْلِمُونَ ( مُخَالِفُو الْإِمَامِ ) وَلَوْ جَائِرًا ( بِخُرُوجٍ عَلَيْهِ وَتَرْكِ ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ ( الِانْقِيَادِ ) لَهُ سَوَاءٌ أَسَبَقَ مِنْهُمْ انْقِيَادٌ أَمْ لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ ( أَوْ مَنْعِ حَقٍّ ) طَلَبَهُ مِنْهُمْ وَقَدْ ( تَوَجَّهَ عَلَيْهِمْ ) الْخُرُوجُ مِنْهُ كَزَكَاةٍ أَوْ حَدٍّ أَوْ قَوَدٍ ( بِشَرْطِ شَوْكَةٍ لَهُمْ ) بِكَثْرَةٍ أَوْ قُوَّةٍ بِحَيْثُ يُمْكِنُ مَعَهَا مُقَاوَمَةُ الْإِمَامِ وَيُحْتَاجُ إلَى احْتِمَالِ كُلْفَةٍ مِنْ بَذْلِ مَالٍ وَإِعْدَادِ رِجَالٍ وَنَصْبِ قِتَالٍ وَنَحْوِهَا لِيَرُدَّهُمْ إلَى الطَّاعَةِ ( وَتَأْوِيلٍ ) فَاسِدٍ لَا يُقْطَعُ بِبُطْلَانِهِ بَلْ يَعْتَقِدُونَ بِهِ جَوَازَ الْخُرُوجِ كَتَأْوِيلِ الْخَارِجِينَ عَلَى
عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِأَنَّهُ يَعْرِفُ قَتَلَةَ
عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَيَقْدِرُ عَلَيْهِمْ وَلَا يَقْتَصُّ مِنْهُمْ لِمُوَاطَأَتِهِ إيَّاهُمْ عَلَى مَا قِيلَ .
وَالْوَجْهُ أَخْذًا مِنْ سَيْرِهِمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ رَمْيَهُ بِالْمُوَاطَأَةِ الْمَمْنُوعَةِ
[ ص: 403 ] لَمْ تَصْدُرْ مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِهِ ; لِأَنَّهُ بَرِئَ مِنْ ذَلِكَ ، وَتَأْوِيلُ بَعْضِ مَانِعِي الزَّكَاةِ مِنْ
أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِأَنَّهُمْ لَا يَدْفَعُونَ الزَّكَاةَ إلَّا لِمَنْ صَلَاتُهُ سَكَنٌ لَهُمْ وَهُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَمَّا إذَا خَرَجُوا بِلَا تَأْوِيلٍ كَمَانِعِي حَقِّ الشَّرْعِ كَالزَّكَاةِ عِنَادًا أَوْ بِتَأْوِيلٍ يُقْطَعُ بِبُطْلَانِهِ كَتَأْوِيلِ الْمُرْتَدِّينَ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شَوْكَةٌ فَلَيْسَ لَهُمْ
nindex.php?page=treesubj&link=9708_9705_9707حُكْمُ الْبُغَاةِ كَمَا سَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ ( وَمُطَاعٍ فِيهِمْ ) يَصْدُرُونَ عَنْ رَأْيِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْصُوبًا إذْ لَا شَوْكَةَ لِمَنْ لَا مُطَاعَ لَهُمْ فَهُوَ شَرْطٌ لِحُصُولِهَا إلَّا أَنَّهُ شَرْطٌ آخَرُ غَيْرُهَا ( قِيلَ وَإِمَامٍ مَنْصُوبٍ ) مِنْهُمْ عَلَيْهِمْ ، وَرُدَّ بِأَنَّ
عَلِيًّا قَاتَلَ أَهْلَ الْجَمَلِ وَلَا إمَامَ لَهُمْ وَأَهْلَ
صِفِّينَ قَبْلَ نَصْبِ إمَامِهِمْ ، وَلَا يُشْتَرَطُ عَلَى الصَّحِيحِ جَعْلُهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ حُكْمًا غَيْرَ حُكْمِ الْإِسْلَامِ وَلَا انْفِرَادَهُمْ بِنَحْوِ بَلَدٍ وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=9705حَصَلَتْ لَهُمْ الْقُوَّةُ بِتَحَصُّنِهِمْ بِحِصْنٍ فَهَلْ هُوَ كَالشَّوْكَةِ أَوْ لَا الْمُعْتَمَدُ كَمَا رَوَاهُ
الْإِمَامُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْحِصْنُ بِحَافَّةِ الطَّرِيقِ وَكَانُوا يَسْتَوْلُونَ بِسَبَبِهِ عَلَى نَاحِيَةٍ وَرَاءَ الْحِصْنِ ثَبَتَ لَهُمْ الشَّوْكَةُ وَحُكْمُ الْبُغَاةِ ، وَإِلَّا فَلَيْسُوا بُغَاةً ، وَلَا يُبَالِي بِتَعْطِيلِ عَدَدٍ قَلِيلٍ ، وَقَدْ جَزَمَ بِذَلِكَ فِي الْأَنْوَارِ