[ ص: 525 ] ويلحقه الولد بوطء شبهة كعقد : نصه عليه وذكره شيخنا ( ع ) خلافا لأبي بكر ، وذكره ابن عقيل رواية ، وفي كل نكاح فاسد فيه شبهة نقله الجماعة ، وقيل : لم يعتقد فساده ، وفي كونه كصحيح أو كملك يمين وجهان ، وفي الفنون : لم يلحقه أبو بكر في نكاح بلا ولي ( م 8 ) وإن أنكر ولدا بيد زوجته أو مطلقته أو سريته فشهدت امرأة ، وعنه : ثنتان بولادته لحقه .
وقيل : يقبل قولها ، وقيل : قول الزوجة ، ثم هل له نفيه ؟ فيه وجهان ( م 9 ) وعلى الأول في المغني [ عن القاضي ] ، يصدق فيه [ ص: 526 ] لتنقضي عدتها به ، ولا أثر لشبهة مع فراش ، ذكره جماعة ، واختار شيخنا : تبعض الأحكام { لقوله واحتجبي منه يا سودة } [ وعليه نصوص أحمد ، لأنه احتج به على أن الزنا يحرم وأن بنته من الزنا تحرم وبما ] يروى عن عمر من وجهين أنه ألحق أولاد العاهرين في الجاهلية بآبائهم .
وفي عيون المسائل : أمره لسودة بالاحتجاب يحتمل أنه رأى قوة شبهه من الزاني فأمرها بذلك ، أو قصد أن يبين أن للزوج حجب زوجته عن أخيها ، واختار شيخنا أنه إن استلحق ولده من زنا ولا فراش لحقه .
ونص أحمد فيها : لا يلحقه هنا ، وفي الانتصار : في نكاح الزانية يسوغ الاجتهاد فيه ، ثم قال : وذكر ابن اللبان في الإيجاز أنه مذهب الحسن وابن سيرين وعروة والنخعي وإسحاق ، وكذا في عيون المسائل ، لكنه لم يذكر ابن اللبان .
وفي الانتصار : يلحقه بحكم حاكم ، ذكر أبو يعلى الصغير وغيره مثل ذلك ومن قال : يلحقه قال لم يخالف { قوله عليه السلام الولد للفراش وللعاهر الحجر } لأنه إنما يدل مع الفراش ، لكن يدل ما رواه أبو داود في باب ادعاء ولد الزنا : حدثنا شيبان بن فروخ ، حدثنا [ ص: 527 ] محمد بن راشد ، وحدثنا الحسن بن علي حدثنا يزيد بن هارون ، أنبأنا محمد بن راشد وهو أشبع عن سليمان بن موسى ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه عن جده { أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى أن كل مستلحق بعد أبيه يدعى له ادعاه ورثته فقضى أن كل من كان من أمة يملكها يوم أصابها فقد لحق بمن استلحقه ، وليس له مما قسم قبله من الميراث ، وما أدرك من ميراث لم يقسم فله نصيبه ، ولا يلحق إذا كان أبوه الذي يدعي له أنكره ، وإن كان من أمة لم يملكها أو من حرة عاهر بها فإنه لا يلحق ، ولا يرثه ، وإن كان الذي يدعي له هو ادعاء فهو ولد زنية من حرة كان أو أمة } ، حدثنا محمود بن خالد ، حدثنا أبي عن محمد بن راشد بإسناده ومعناه ، زاد : { وهو ولد زنا لأهل أمه من كانوا ، حرة أو أمة ، وذلك فيما استلحق في أول الإسلام ، فما اقتسم من مال قبل الإسلام فقد مضى } . عمرو بن شعيب فيه كلام مشهور ، وحديثه حسن ، ومحمد بن راشد وثقه أحمد وابن معين وغيرهما ، وقال جماعة : صدوق .
وقال ابن عدي : إذا حدث عنه ثقة فحديثه مستقيم ، وقال الدارقطني : يعتبر به .
وقال ابن حبان : لم يكن الحديث من صنعته فكثر المناكير في حديثه فاستحق ترك الاحتجاج به ، كذا قال ، والصواب كلام الأئمة قبله ، [ ص: 528 ] فهذا حديث حسن ، قال بعضهم : كان قوم في الجاهلية لهم إماء بغايا تلد وقد زنت فيدعي سيدها الولد ، ويدعيه الزاني ، حتى جاء الإسلام ، فقضى عليه السلام بالولد للسيد لأنه صاحب الفراش ، ونفاه عن الزاني ، وقوله { قضى أن كل مستلحق } إلى قوله { وليس له مما قسم قبله من الميراث شيء } ، لأنه صار ابنه حينئذ ، فهو تجديد حكم بنسبه ، إذ لم يكن حكم البنوة ثابتا ، وما أدرك من ميراث لم يقسم فله نصيبه منه ، لأن الحكم ثبت قبل قسمة الميراث " فيستحق منه نصيبه . نظير هذا من أسلم على ميراث قبل قسمه ، فثبوت النسب هنا بمنزلة الإسلام بالنسبة إلى الميراث ، قوله { ولا يلحق إذا كان أبوه الذي يدعى له أنكره } يبين أن التنازع بين الورثة ، فالصورة الأولى استلحقه ورثة أبيه الذي كان يدعى له ، وهذه الصورة استلحقوه وأبوه الذي يدعى له كان ينكره ، فلا يلحقه ، لأن الأصل الذي للورثة خلف عنه منكر له هذا إذا كان من أمة يملكها ، وأما إذا كان [ من أمة ] لم يملكها أو من حرة عاهر بها فإنه لا يلحقه ولا يرث ، وإن ادعاه الواطئ وهو ولد زنية من حرة كان أو من أمة لأهل أمه من كانوا حرة كانت [ ص: 529 ] أو أمة ، وأما ما اقتسم من مال قبل الإسلام فقد مضى ، وروى أبو داود قبله من حديث سلم بن أبي الذيال حدثني بعض أصحابنا عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا : { لا مساعاة في الإسلام ، من ساعى في الجاهلية فقد لحق بعصبته ، ومن ادعى ولدا من غير رشدة فلا يرث ولا يورث } قال أحمد في سلم : ثقة ما أصلح حديثه فالظاهر من حاله أن صاحبه ومن يروى عنه ثقة ، لا سيما وهو يروى عن سعيد بن جبير ، ورواه أحمد ، ولفظه { فقد ألحقته بعصبته } والمساعاة الزنا ، تسمى مساعاة ; لأن كل واحد يسعى لصاحبه في حصول غرضه ، فأبطل الإسلام ذلك وعفا عما كان منها في الجاهلية وألحق النسب به .
وفي نهاية ابن الأثير : وعفا عما كان منها في الجاهلية ممن ألحق بها . وروى أبو داود في ( باب الولد للفراش ) : حدثنا زهير بن حرب حدثنا يزيد بن هارون أنبأنا حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال { : قام رجل فقال : يا رسول الله إن فلانا ابني ، عاهرت بأمه في الجاهلية . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا دعوة في الإسلام ، ذهب أمر الجاهلية ، الولد للفراش وللعاهر الحجر } حديث صحيح . وتبعية النسب للأب ( ع ) ما لم ينتف منه ، كابن ملاعنة ، فولد [ ص: 530 ] قرشي من غير قرشية قرشي لا عكسه وتبعية حرية ورق للأم ( ع ) إلا من عذر للعيب أو غرور ، [ وظاهره ولد ] ويتبع خيرهما دينا . وقاله شيخنا .
ويتبع ما أكل أبواه أو أحدهما ، تقدم في نكاح الأمة العيب والغرور ، وذكر في عيون المسائل أنه يوجد العبد من الحرة وهو ولد الأمة المعلق عتقها بمجيئه عبدا ، كذا قال .


