الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6620 40 - حدثنا سعيد بن عفير، حدثني الليث، حدثني عقيل، عن ابن شهاب، قال: أخبرني سعيد بن المسيب أن أبا هريرة، قال: بينا نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بينا أنا نائم رأيتني في الجنة فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر، قلت: لمن هذا القصر؟ قالوا: لعمر بن الخطاب، فذكرت غيرته فوليت مدبرا. قال أبو هريرة: فبكى عمر بن الخطاب، ثم قال: أعليك بأبي أنت وأمي يا رسول الله أغار.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ورجاله قد ذكروا عن قريب، والحديث مضى في صفة الجنة، وفي فضائل عمر رضي الله تعالى عنه عن سعيد بن أبي مريم .

                                                                                                                                                                                  قوله: (فإذا امرأة تتوضأ) ونقل عن الخطابي وابن قتيبة أن قوله (تتوضأ) تصحيف، والأصل: فإذا امرأة شوهاء؛ يعني حسناء، قاله ابن قتيبة ، قال: والوضوء لغوي، ولا مانع منه.

                                                                                                                                                                                  وقال الكرماني : الجنة ليست دار التكليف فما وجه هذا الوضوء؟ ثم أجاب بقوله: (لا يكون على وجه التكليف) .

                                                                                                                                                                                  وقال القرطبي : إنما توضأت لتزداد حسنا ونورا لا أنها تزيل وسخا ولا قذرا، إذ الجنة منزهة عن ذلك، وقيل: يحتمل أن يكون وضوءا حقيقة، ولا يمنع من ذلك كون الجنة ليست دار التكليف لجواز أن يكون على غير وجه التكليف، وقيل: كانت هذه المرأة أم سليم وكانت في قيد الحياة حينئذ فرآها النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في الجنة إلى جانب قصر عمر رضي الله تعالى عنه، فيكون تعبيرها أنها من أهل الجنة لقول الجمهور من أهل التعبير: إن من رأى أنه دخل الجنة فإنه يدخلها ، فكيف إذا كان الرائي لذلك أصدق الخلق؟ وأما وضوؤها فيعبر بنظافتها حسا ومعنى وطهارتها جسما وحكما، وأما كونها إلى قصر عمر رضي الله تعالى عنه ففيه إشارة إلى أنها تدرك خلافته وكان كذلك.

                                                                                                                                                                                  قوله: (أعليك بأبي أنت وأمي يا رسول الله أغار؟) قيل: إنه مقلوب؛ لأن القياس أن يقول: أعليها أغار منك.

                                                                                                                                                                                  وقال الكرماني : لفظ عليك ليس متعلقا بأغار، بل التقدير مستعليا عليك أغار عليها، قال: ودعوى القياس المذكور ممنوعة؛ إذ لا يخرج إلى ارتكاب القلب مع وضوح المعنى بدونه ويحتمل أن يكون أطلق " على " وأراد " من " كما قيل: إن حروف الجر تتناوب.

                                                                                                                                                                                  قلت: يجيء " على " بمعنى " من " كما في قوله تعالى: إذا اكتالوا على الناس يستوفون

                                                                                                                                                                                  قوله: (بأبي أنت وأمي) جملة معترضة، أي: أنت مفدى بأبى وأمي.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية