الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  [ ص: 136 ] قال أبو عبد الله : فاطر، والبديع، والمبتدع، والبارئ، والخالق واحد .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أبو عبد الله هو البخاري نفسه، وأشار إلى أن معنى هذه الألفاظ الأربعة واحد، وأشار بالفاطر إلى المذكور في قوله: " فاطر السماوات والأرض "، وقيل: دعوى البخاري الوحدة في معنى هذه الألفاظ ممنوعة عند المحققين، ورد عليه بعضهم بأن البخاري لم يرد بذلك أن حقائق معانيها متوحدة، وإنما أراد أنها ترجع إلى معنى واحد وهو إيجاد الشيء بعد أن لم يكن .

                                                                                                                                                                                  قلت: قوله ( واحد ) ينافي هذا التأويل، ومعنى الفاطر: من الفطر وهو الابتداء والاختراع، قاله الجوهري ، ثم قال ابن عباس : كنت لا أدري ما معنى فاطر السماوات والأرض حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر، فقال أحدهما: أنا فطرتها، أي أنا ابتدأتها .

                                                                                                                                                                                  قوله ( والبديع ) معناه الخالق المخترع لا عن مثال سابق ، فعيل بمعنى مفعل، يقال أبدع فهو مبدع . وكذا في بعض النسخ: مبدع .

                                                                                                                                                                                  قوله ( والبارئ والخالق ) قال الطيبي : قيل: الخالق البارئ المصور ألفاظ مترادفة، وهو وهم ; لأن الخالق من الخلق، وأصله التقدير المستقيم، والبارئ مأخوذ من البرء، وأصله خلوص الشيء عن غيره، إما على سبيل التقصي منه، وعليه قولهم: برئ من مرضه، وإما على سبيل الإنشاء منه، ومنه برأ الله النسمة، وهو البارئ لها، وقيل: البارئ هو الذي خلق الخلق بريئا من التفاوت والتنافر .

                                                                                                                                                                                  قوله ( البارئ ) ويروى: البادئ، وقيل لبعضهم البارئ بالراء، ولأبي ذر والأكثر البادئ بالدال بدل الراء، والهمز ثابت فيهما، وزعم بعض من عاصرناه من الشراح أن الصواب بالراء ورواية الدال وهم، ورد عليه بعضهم بأنه وقع في بعض طرق الأسماء الحسنى المبدئ، وفي سورة العنكبوت: أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده ثم قال: فانظروا كيف بدأ الخلق فاسم الفاعل من الأول مبدئ ومن الثاني بادئ، انتهى .

                                                                                                                                                                                  قلت: في هذا الرد نظر لا يخفى .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية