فصل : 
[ إبطال حيلة لتجويز بيع أم الولد    ] : 
ومن الحيل الباطلة على أن يطأ أمته وإذا حبلت منه لم تصر أم ولد ، فله بيعها : أن يملكها لولده الصغير ، ثم يتزوجها ويطأها ، فإذا ولدت منه عتق الأولاد على الولد ; لأنهم إخوته ، ومن ملك أخاه عتق عليه .  [ ص: 244 ] 
قالوا : فإن خاف أن لا تتمشى هذه الحيلة على قول الجمهور الذين لا يجوزون للرجل أن يتزوج بجارية ابنه - وهو قول الإمام  أحمد   ومالك   والشافعي    - فالحيلة أن يملكها لذي رحم محرم منه ، ثم يزوجه إياها ، فإذا ولدت عتق الولد على ملك ذي الرحم ; فإذا أراد بيع الجارية فليهبها له ، فينفسخ النكاح ، وإن لم يكن له ذو رحم محرم فليملكها أجنبيا ، ثم يزوجها به ، فإن خاف من رق الولد فليعلق الأجنبي عتقهم بشرط الولادة ، فيقول : كل ولد تلدينه فهو حر ، فيكون الأولاد كلهم أحرارا ; فإذا أراد بيعها بعد ذلك فليتهبها من الأجنبي ثم يبعها . 
وهذه الحيلة أيضا باطلة ; فإن حقيقة التمليك لم توجد ، إذ حقيقته نقل الملك إلى المملك يتصرف فيه كما أحب . 
هذا هو الملك المشروع المعقول المتعارف ، فأما تمليك لا يتمكن فيه المملك من التصرف إلا بالتزويج وحده ; فهو تلبيس لا تمليك ; فإن المملك لو أراد وطأها أو الخلوة بها أو النظر إليها بشهوة أو التصرف فيها كما يتصرف المالك في مملوكه لما أمكنه ذلك ; فإن هذا تمليك تلبيس وخداع ومكر ، لا تمليك حقيقة ، بل قد علم الله والمملك والمملك أن الجارية لسيدها ظاهرا وباطنا ، وأنه لم يطب قلبه بإخراجها عن ملكه بوجه من الوجوه ، وهذا التمليك بمنزلة تمليك الأجنبي ماله كله ليسقط عنه زكاته ثم يسترده منه ، ومعلوم قطعا أنه لا حقيقة لهذا التمليك عرفا ولا شرعا ، ولا يعد المملك له على هذا الوجه غنيا به ، ولا يجب عليه به الحج والزكاة والنفقة وأداء الديون ، ولا يكون به واجدا للطول معدودا في جملة الأغنياء ; فهذا هو الحقيقة ، لا التمليك الباطل الذي هو مكر وخداع وتلبيس . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					