الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
[ حيلة في الخلاص مما سبق به اللسان ]

المثال الحادي والستون : إذا سبق لسانه بما يؤاخذ به في الظاهر ولم يرد معناه ، أو أراده ثم رجع عنه وتاب منه ، أو خاف أن يشهد عليه به شهود زور ولم يتكلم به ، فرفع إلى الحاكم وادعي عليه به ، فإن أنكر شهدوا عليه ، وإن أقر حكم عليه ، ولا سيما إن كان لا يرى قبول التوبة من ذلك ، فالحيلة في الخلاص أن لا يقر به ولا ينكر ، فيشهد عليه الشهود ، بل يكفيه في الجواب أن يقول : " إن كنت قلته فقد رجعت عنه ، وأنا تائب إلى الله منه " وليس للحاكم بعد ذلك أن يقول : لا أكتفي منك بهذا الجواب ، بل لا بد من الإقرار أو الإنكار ، فإن هذا جواب كاف في مثل هذه الدعوى ، وتكليفه بعد ذلك خطة الخسف بالإقرار - وقد يكون كاذبا فيه ، أو الإنكار وقد تاب منه بينه وبين الله تعالى ، فيشهد عليه الشهود - ظلم وباطل ; فلا يحل للحاكم أن يسأله بعد هذا هل وقع منك ذلك أو لم يقع ؟ بل أبلغ من هذا لو شهد عليه بالردة فقال : " لم أزل أشهد أن لا إله لا الله وأن محمدا رسول الله منذ عقلت وإلى الآن " لم يستكشف عن شيء ، ولم يسأل لا هو ولا الشهود عن سبب ردته ، كما ذكره الخرقي في مختصره وغيره من أصحاب الشافعي ، فإذا ادعى عليه بأنه قال كذا وكذا فقال : " إن كنت قلته فأنا تائب إلى الله منه " أو " قد تبت منه " فقد اكتفي منه بهذا الجواب ، ولم يكشف عن شيء منه بعد ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية