التفسير: 
قال  قتادة   : معنى اتقوا ما بين أيديكم   أي: من الوقائع في من كان قبلكم من الأمم، وما خلفكم   : من الآخرة. 
 [ ص: 406 ]  ابن عباس   وابن جبير:  ما بين أيديكم   : الآخرة، و وما خلفكم   : الدنيا. 
وقيل: معنى ما بين أيديكم   : ما سلف من ذنوبكم، وما خلفكم   : ما لم تعملوه بعد. 
والجواب محذوف; والتقدير: وإذا قيل لهم ذلك أعرضوا، ودل عليه ما بعده. 
وقوله: وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله قال الذين كفروا   : قال  الحسن   : يعني: اليهود، وقيل: هم المشركون. 
وقوله تعالى إخبار عنهم: أنطعم من لو يشاء الله أطعمه   : يقولون ذلك استهزاء. 
وقوله: إن أنتم إلا في ضلال مبين  قيل: هو من قول الكفار للمؤمنين، وقيل: هو من قول الله تعالى للكفار. 
وقوله: ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون  أي: ما ينتظرون إلا القيامة تأخذهم وهم يختصمون في أمور دنياهم، [فيموتون في مكانهم] ولا يستطيعون أن يوصوا، ولا أن يرجعوا إلى أهلهم. 
 [ ص: 407 ] وقيل: إن معنى ولا إلى أهلهم يرجعون   : لا يرجعون إليهم قولا. 
وقوله: فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون  الأجداث} القبور، واحدها: (جدث) ويقال فيه: (جدف) بالفاء. 
وتقدم القول في معنى {ينسلون} . 
وقوله: قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا   : قال  ابن زيد:  هذا من قول بعضهم لبعض، صدقوا الرسل لما عاينوا ما أخبروهم به، فيقول لهم المؤمنون: هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون   . 
وقيل: إن ذلك من قول الملائكة للكفار. 
 الأعمش:  روي أن العذاب يكف عنهم بين النفختين، فإذا نفخ في الصور; قالوا: يا ولينا، من بعثنا من مرقدنا؟ 
وقيل: إن الوقف على قوله: {هذا} ويبتدأ: ما وعد الرحمن  على معنى: ما وعد الرحمن حق. 
وقوله: إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون   : قال  مجاهد   : شغلهم  [ ص: 408 ] افتضاض الأبكار، وقيل: المعنى أنهم في شغل عما فيه أهل النار. 
ومعنى قوله: {فاكهون}: ذوو فاكهة، و  ابن عباس   : فرحون، وقيل: ناعمون. و {فكهون} بغير ألف في قول  قتادة:  معجبون. 
أبو زيد:  يقال: (رجل فكه) إذا كان طيب النفس ضحوكا. 
الفراء: {فكهون} و {فاكهون} بمعنى; كما يقال: {حذرون} و {حاذرون} [الشعراء: 56]. 
وقوله: هم وأزواجهم في ظلال   : (الظلال): جمع (ظل) أو جمع (ظلة) ومن قرأ: {في ظلل} فهو جمع (ظله) لا غير. 
وقوله: ولهم ما يدعون   : معنى {يدعون}: يتمنون، من (الدعاء) أي: من ادعى بشيء أعطيه، قاله  أبو عبيدة.  
وقيل: المعنى: أن من ادعى منهم شيئا فهو له; لأن الله تعالى قد طبعهم  [ ص: 409 ] على ألا يدعي أحدهم إلا ما يحسن أن يدعيه. 
وقوله: سلام قولا من رب رحيم  أي: ولهم سلام يسمعونه من الله عز وجل. 
 الفراء:  لهم ذلك سلام; أي: مسلم. 
 الزجاج   : {سلام}: بدل من (ما) أي: ولهم أن يسلم الله عليهم، وهذا هو القول الأول. 
وقوله: وامتازوا اليوم أيها المجرمون   : قال  قتادة   : أي: اعتزلوا عن كل خير، وقيل: المعنى: امتازوا عن المؤمنين. 
وقوله: ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان  أي: يقال لهم ذلك; والمعنى: ألم أتقدم إليكم; فأوصيكم؟ 
ولقد أضل منكم جبلا كثيرا  أي: خلقا كثيرا. 
وقوله: اليوم نختم على أفواههم  الآية: روى  عقبة بن عامر:  «أن أول شيء يتكلم من الإنسان -إذا ختم على فمه- فخذه اليسرى». 
وقال  أبو موسى الأشعري:  إني لأحسب أن أول ما ينطق منه فخذه اليمنى. 
وقوله: ولو نشاء لطمسنا على أعينهم   : قال  ابن عباس   : المعنى: لأعميناهم عن الهدى [فلا يهتدون أبدا إلى الطريق الحق. 
 [ ص: 410 ]  الحسن   : المعنى: لتركناهم عميا، يترددون; فالمعنى: لأعميناهم] فلا يبصرون طريقا إلى تصرفهم في منازلهم، ولا غيرها، وهذا اختيار  الطبري.  
وقوله: فاستبقوا الصراط   : قال  الحسن   : أي: لأقعدناهم، فلا يستطيعون أن يمضوا أمامهم، ولا يرجعوا وراءهم. 
 ابن عباس   : المعنى: ولو نشاء لأهلكناهم في مساكنهم. 
وقيل: المعنى: لو نشاء لمسخناهم في المكان الذي اجترؤوا فيه على المعصية. 
ابن سلام:  هذا كله يوم القيامة، يطمس الله على أعينهم على الصراط. 
وقوله: ومن نعمره ننكسه في الخلق  يعني: أنه يصير إلى حال الهرم الذي يشبه حال الصبا، قاله  قتادة  وغيره. 
وقوله: وما علمناه الشعر وما ينبغي له  أي: وما ينبغي له أن يقوله، وجعل الله ذلك علما من أعلام النبي -صلى الله عليه وسلم- لئلا تدخل الشبهة على من أرسل إليه، فيظن أنه قوي على القرآن بما في طبعه من القوة على إنشاء الشعر، ولا اعتراض لملحد  [ ص: 411 ] على هذا بما يتفق الوزن فيه من القرآن وكلام الرسول -عليه الصلاة والسلام- لأن ما وافق وزنه وزن الشعر، ولم يقصد به إلى الشعر; ليس بشعر،  ولو كان شعرا لكان كل من نطق بموزون من العامة الذين لا يعرفون وزن الشعر شاعرا، وقد بسطت القول في هذا في "الجامع". 
وقوله: {لتنذر من كان حيا} أي: حي القلب، عن  قتادة،  و[قيل: المعنى: لتنذر من كان مؤمنا في علم الله تعالى. 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					