الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      التفسير :

                                                                                                                                                                                                                                      هل أتى على الإنسان حين من الدهر : قال الكسائي ، والفراء : المعنى : قد أتى على الإنسان حين من الدهر ، وقد حكى سيبويه : {هل} بمعنى : (قد) ، وقيل : هي بمنزلة همزة الاستفهام؛ والمعنى : أأتى؟

                                                                                                                                                                                                                                      و {الإنسان} ههنا : آدم عليه السلام ، قاله قتادة ، والثوري ، وغيرهما ، وقيل : عني به : الجنس .

                                                                                                                                                                                                                                      فأما {الإنسان} في قوله : إنا خلقنا الإنسان ؛ فالمراد به : الجنس .

                                                                                                                                                                                                                                      و (الأمشاج) : الأخلاط ، واحدها : (مشج) ، وسميت النطفة أمشاجا؛ لأن الله تعالى جعل فيها أخلاطا من الطبائع .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن عباس ، والحسن ، وغيرهما : {أمشاج} معناه : من ماء الرجل وماء المرأة .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 547 ] ابن مسعود : (الأمشاج) : العروق التي تكون في النطفة .

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة : {أمشاج} : أطوار؛ نطفة ، ثم علقة ، ثم مضغة ، ثم عظم . . . . ، إلى أن يكمل خلقه .

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد : ألوان .

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى {نبتليه} : نقدر فيه الابتلاء؛ أي : الاختبار .

                                                                                                                                                                                                                                      الفراء : هو على التقديم والتأخير؛ والمعنى : إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج ، فجعلناه سميعا بصيرا؛ نبتليه .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : إنا هديناه السبيل أي : بينا له سبيل الشقاء والسعادة ، عن مجاهد ، وغيره .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : إما شاكرا وإما كفورا أي : خلقناه لأحد الأمرين .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : كان مزاجها كافورا : قال مجاهد : تمزج لهم بالكافور ، وتختم بالمسك ، وقيل : إنما الكافور في ريحها ، لا في طعمها .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : عينا يشرب بها عباد الله أي : يروى بها ، وقيل : المعنى : يشربها ، والباء زائدة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : يفجرونها تفجيرا أي : يعدلونها حيث شاؤوا ، عن مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 548 ] وقوله : يوفون بالنذر أي : النذر في الطاعة .

                                                                                                                                                                                                                                      ويخافون يوما كان شره مستطيرا أي : فاشيا منتشرا ، الفراء : مستطيلا .

                                                                                                                                                                                                                                      ويطعمون الطعام على حبه : قال مجاهد : على شهوتهم له .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : {وأسيرا} : (الأسير) : المأخوذ من أهل دار الحرب ، قاله قتادة ، ومالك ، وغيرهما .

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد ، وابن جبير ، وغيرهما : هو المحبوس .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : إنما نطعمكم لوجه الله أي : يقولون ذلك لمن يطعمونه .

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد ، وابن جبير : علم الله ما في قلوبهم ، فأثنى عليهم من غير أن يتكلموا به .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا أي : يعبس فيه ، فهو على النسب ، و (القمطرير) : الشديد في الشر .

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس : (العبوس) : الضيق ، و (القمطرير) : الطويل .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : نضرة وسرورا أي : نعمة وفرحا ، عن ابن زيد .

                                                                                                                                                                                                                                      الحسن : {نضرة} في الوجوه ، و {وسرورا} في القلوب .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 549 ] وقوله : وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا أي : دخول جنة ، ولبس حرير .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا : (الزمهرير) : البرد الشديد ، عن مجاهد وغيره .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ودانية عليهم ظلالها أي : وجزاهم جنة دانية؛ أي : قريبة عليهم ظلال أشجارها .

                                                                                                                                                                                                                                      وذللت قطوفها تذليلا : (القطوف) : الثمر ، قال مجاهد : إن قام أحدهم؛ ارتفعت له ، وإن جلس؛ تدلت عليه ، وإن اضطجع؛ دنت منه ، فأكل منها ، وقيل : المعنى : لا يرد أيديهم عنها بعد ولا شوك .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية