( قل قتال فيه كبير     ) ، هذه الجملة مبتدأ وخبر ، و " قتال " نكرة ، وسوغ الابتداء بها كونها وصفت   [ ص: 146 ] بالجار والمجرور ، وهكذا قالوا ، ويجوز أن يكون " فيه " معمولا لقتال ، فلا يكون في موضع الصفة ، وتقييد النكرة بالمعمول مسوغ أيضا لجواز الابتداء بالنكرة ، وحد الاسم إذا تقدم نكرة ، وكان إياها ؛ أن يعود معرفا بالألف واللام ، تقول : لقيت رجلا فضربت الرجل ، كما قال تعالى : ( كما أرسلنا إلى فرعون رسولا  فعصى فرعون الرسول    ) ، قيل : وإنما لم يعد بالألف واللام هنا لأنه ليس المراد تعظيم القتال المذكور المسئول عنه ، حتى يعاد بالألف واللام ، بل المراد تعظيم أي قتال كان في الشهر الحرام ، فعلى هذا " قتال " الثاني غير الأول . انتهى . وليست الألف واللام تفيد التعظيم في الاسم ؛ إذ كانت النكرة السابقة ، بل هي فيه للعهد السابق ، وقيل في ( المنتخب ) : إنما نكر فيهما لأن النكرة الثانية هي غير الأولى ؛ وذلك أنهم أرادوا بالأول الذي سألوا عنه ، فقال عبد الله بن جحش ، وكان لنصرة الإسلام وإذلال الكفر ، فلا يكون هذا من الكبائر ، بل الذي يكون كبيرا هو قتال غير هذا ، وهو ما كان الغرض فيه هدم الإسلام وتقوية الكفر ، فاختير التنكير في اللفظين لأجل هذه الدقيقة ، ولو وقع التعبير عنهما ، أو عن أحدهما بلفظ التعريف ؛ لبطلت هذه الفائدة . انتهى . واتفق الجمهور على أن حكم هذه الآية حرمة القتال في الشهر الحرام  ؛ إذ المعنى : قل قتال فيه لهم كبير ، فقال  ابن عباس  ، وقتادة  ،  وابن المسيب  ، والضحاك  ،  والأوزاعي    : إنها منسوخة بآية السيف : ( فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم    ) ؛ إذ يلزم من عموم المكان عموم الزمان . وقيل : هي منسوخة بقوله : ( وقاتلوا المشركين كافة    ) ، وإلى هذا ذهب  الزهري  ، ومجاهد  ، وغيرهما . وقيل : نسخهما غزو النبي - صلى الله عليه وسلم - ثقيفا  في الشهر الحرام ، وإغزاؤه أبا عامر  إلى أوطاس  في الشهر الحرام . وقيل : نسخها بيعة الرضوان والقتال في ذي القعدة ، وضعف هذا القول بأن تلك البيعة كانت على الدفع لا على الابتداء بالقتال . وقال عطاء  لم تنسخ ، وحلف بالله ما يحل للناس أن يغزو في الحرم ، ولا في الشهر الحرام إلا أن يقاتلوا فيه ، وروي هذا القول عن مجاهد  أيضا ، وروى جابر  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يغزو في الأشهر الحرم إلا أن يغزى ، وذلك قوله : ( قل قتال فيه كبير    ) . ورجح كونها محكمة بهذا الحديث ، وبما رواه ابن وهب    : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ودى ابن الحضرمي  ، ورد الغنيمة والأسيرين ، وبأن الآيات التي وردت بعدها عامة في الأزمنة وهذا خاص ، والعام لا ينسخ الخاص باتفاق . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					