( ولا تقم ) استحبابا إذا كنت في مجلس التحديث ، سواء كان التحديث بلفظك أو بقراءة غيرك ، ولا القارئ أيضا ( لأحد ) إكراما لحديث النبي صلى الله عليه وسلم أن يقطع بقيام .
فقد قال فيما رويناه عنه في " جزء الفقيه أبو زيد محمد بن أحمد بن عبد الله المروزي " : إذا قام القارئ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد كتبت عليه خطيئة . هذا إذا لم ينضم لذلك محبة من يقام له لذلك ، فإذا انضم إليه ذلك فآكد ، بل هو حرام للترهيب عنه . عبد الله بن أحمد الخرقي
وكان وغيره بدار أحمد بن المعذل المتوكل ، فخرج عليهم المتوكل فلم يقم له أحمد خاصة ، فسأل عن ذلك وزيره فاعتذر عنه بسوء بصره ، فرد عليه أحمد ذلك .
وقال للمتوكل : إنما نزهتك من عذاب النار . وساق له حديث : ( ) . فجاء من أحب أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار المتوكل فجلس إلى جانبه .
[ ص: 242 ] وكذا لا تخص أحدا بمجلس ، بل من سبق إلى موضع فهو أحق به ، ولا تقم أحدا لأجل أحد ، لحديث : ( لا يقيمن أحدكم الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه ، ولكن توسعوا ) . ( ) . لا تجلسه بين اثنين إلا بإذنهما
ودخل الشاعر على الحيص بيص فقال له : يا الشريف علي بن طراد الوزير ، يا رفيع العماد ، يا خالد الأجواد ، انقضى المجلس فأين أجلس ؟ فقال الوزير : مكانك . فقال : أعلى قدري أم على قدرك ؟ فقال : لا على قدري ولا على قدرك ، ولكن على قدر الوقت . ولا يمنع ذلك إكرامه المشايخ والعلماء وذوي الأنساب ، لما أمر به من إنزال كل منزلته . علي بن طراد
وقد قال مالك : كنا نجلس إلى ربيعة وغيره ، فإذا أتى ذو السن والفضل قالوا له : ههنا . حتى يجلس قريبا منهم . قال : وكان ربيعة ربما أتاه الرجل ليس له ذاك السن ، فيقول له : ههنا . ولا يرضى حتى يجلسه إلى جنبه ، كأنه يفعل به ذلك لفضله عنده .
ولا تقدم أحدا في غير نوبته ، بل تأس حيث حضر إليه بأبي جعفر بن جرير الطبري ، وهو ابن الوزير ، وقد سبقه رجل ، فقال [ ص: 243 ] الفضل بن جعفر بن الفرات للرجل : ألا تقرأ ؟ فأشار الرجل إلى الطبري ابن الوزير ، فقال له : إذا كانت النوبة لك ، فلا تكترث بدجلة ولا الفرات . انتهى . الطبري
وهذه - كما قال شيخنا - من لطائف وبلاغته ، وعدم التفاته لأبناء الدنيا . ابن جرير
( و ) كذا ) بكسر الميم ، جميعا إذا أمكن ، فذاك مستحب ; لقول لا تخص واحدا بالإقبال عليه ، بل ( أقبل عليهم : كانوا يحبون إذا حدث الرجل ألا يقبل على الواحد فقط ، ولكن ليعمهم . حبيب بن أبي ثابت
وعنه أيضا أنه من السنة . وأعلى من ذلك ألا تخص أحدا بالتحديث ، لا سيما إن كان ممن يترفع عن الجلوس مع من يراه دونه ، فضلا عن مجيئك إليه ، وقد سأل الرشيد عبد الله بن إدريس الأودي أن يحدث ابنه فقال : إذا جاء مع الجماعة حدثناه . وما أحسن قول إمامنا فيما رويناه من جهة الشافعي عنه : الربيع بن سليمان المرادي
العلم من شرطه لمن خدمه أن يجعل الناس كلهم خدمه وواجب صونه عليه كما
يصون في الناس عرضه ودمه