الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ غرض الأخذ الفائدة لا كثرة الشيوخ ] ولتكن الفائدة قصدك ( لا كثرة الشيوخ ) حال كونها ( صيتا عاطلا ) من الفائدة ، بحيث تكون كمن حكى عنه الخطيب أنه كان يقول : ضيع ورقة ، ولا تضيعن شيخا . وهي الطريقة التي سلكها جل أصحابنا من طلبة شيخنا فضلا عمن دونهم ; فإنهم اعتنوا بالتكثير من الشيوخ بحيث يقول الواحد منهم : أخذت عن ستمائة أو نحو ذلك ، دون التكثير من المسموع ، حتى إنه يفوت بعض الكتب الستة أصول الإسلام فضلا عن غيرها ، هذا مع تصريح شيخنا بأن عكسه أولى .

وقد قال أبو الوليد : كتبت عن قيس بن الربيع ستة آلاف حديث هي أحب إلي من ستة آلاف دينار .

وإليه يشير قول ابن الصلاح : وليس بموفق من ضيع شيئا من وقته في الاستكثار لمجرد الكثرة وصيتها ، على احتمال كلامه أيضا غير هذا ، اللهم إلا أن يكون قصد المحدث تكثير طرق الحديث ، وجمع أطرافه ، فيكثر شيوخه لذلك ، فهذا لا بأس به .

ومن هنا وصف بالإكثار من الشيوخ خلق من الحفاظ ; كالثوري ، وابن المبارك ، وأبي داود الطيالسي ، ويونس بن محمد [ ص: 298 ] المؤدب ، ومحمد بن يونس الكديمي ، والبخاري ، وأبي عبد الله بن منده ، وكالقاسم بن داود البغدادي قال : كتبت عن ستة آلاف شيخ .

وممن زادت شيوخه على ألف سوى هؤلاء : أبو زرعة الرازي ، ويعقوب بن سفيان ، والطبراني ، وابن عدي ، وابن حبان ، والوليد بن بكر ، وأبو الفتيان ، وأبو صالح المؤذن ، وأبو سعد السمان ، كان له ثلاثة آلاف شيخ وستمائة ، وابن عساكر ، وابن السمعاني ، وابن النجار ، وابن الحاجب ، والدمياطي ، والقطب الحلبي ، والبرزالي ، فشيوخه ثلاثة آلاف شيخ منها ألف بالإجازة ، وعتيق بن عبد الرحمن العمري المصري ، ذكر أن شيوخه نيفوا عن الألف ، والفخر ، وعثمان التوزري بلغت [ ص: 299 ] شيوخه نحو الألف ، والذهبي ، وابن رافع ، والعز أبو عمر ابن جماعة ، ومن لا يحصى كثرة .

وكم في جمع طرق الحديث من فائدة أشرت لجملة منها في الباب قبله ، ولذا قال أبو حاتم الرازي : لو لم نكتب الحديث من ستين وجها ما عقلناه . وعن ابن معين مثله ، لكن بلفظ : ثلاثين . وقال غيرهما : الباب إذا لم تجمع طرقه لا يوقف على صحة الحديث ولا على سقمه .

وقال ابن دقيق العيد في ثالث أحاديث ( العمدة ) من شرحها : إذا اجتمعت طرق الحديث يستدل ببعضها إلى بعض ، ويجمع بين ما يمكن جمعه ، ويظهر به المراد ، إلى غير ذلك مما أسلفت شيئا منه في أواخر المعلل .

التالي السابق


الخدمات العلمية