[ ص: 39 ] باب الاستيلاد 
( إذا ولدت الأمة من مولاها  فقد صارت أم ولد له لا يجوز بيعها ولا تمليكها ) { لقوله عليه الصلاة والسلام : أعتقها ولدها   }أخبر عن إعتاقها فيثبت بعض مواجبه ، وهو حرمة البيع ; ولأن الجزئية قد حصلت بين الواطئ والموطوءة بواسطة الولد فإن الماءين قد اختلطا ، بحيث لا يمكن الميز بينهما على ما عرف في حرمة المصاهرة إلا أن بعد الانفصال تبقى الجزئية حكما لا حقيقة ، فضعف  [ ص: 40 ] السبب فأوجب حكما مؤجلا إلى ما بعد الموت وبقاء الجزئية حكما باعتبار النسب ، وهو من جانب الرجال فكذا الحرية تثبت في حقهم لا في حقهن حتى إذا ملكت الحرة زوجها ، وقد ولدت منه لم يعتق الزوج الذي ملكته بموتها وبثبوت عتق مؤجل يثبت حق الحرية في الحال ، فيمنع جواز البيع وإخراجها لا إلى الحرية في الحال ، ويوجب عتقها بعد موته ، وكذا إذا كان بعضها مملوكا له ; لأن الاستيلاد لا يتجزأ فإنه فرع النسب فيعتبر بأصله . 
قال : ( وله وطؤها واستخدامها وإجارتها وتزويجها    ) لأن الملك فيها قائم فأشبهت المدبرة ( ولا يثبت نسب ولدها إلا أن يعترف به    ) وقال  الشافعي  رحمه الله : يثبت نسبه منه وإن لم يدع ; لأنه لما ثبت النسب بالعقد فلأن يثبت بالوطء ، وأنه أكثر إفضاء أولى . 
ولنا أن وطء الأمة يقصد به قضاء الشهوة ، دون الولد لوجود المانع عنه ، فلا بد من الدعوة بمنزلة ملك اليمين من غير وطء بخلاف العقد ; لأن الولد يتعين مقصودا منه ، فلا حاجة إلى الدعوة ( فإن جاءت بعد ذلك بولد  ثبت نسبه بغير إقرار ) معناه بعد اعتراف منه بالولد الأول ; لأنه بدعوى الولد الأول تعين الولد مقصودا منها ، فصارت فراشا كالمعقودة بعد النكاح ( إلا أنه إذا نفاه ينتفي بقوله ) لأن فراشها ضعيف حتى يملك نقله بالتزويج ، بخلاف المنكوحة حيث لا ينتفي الولد بنفيه إلا باللعان لتأكد الفراش ، حتى لا يملك إبطاله بالتزويج . 
وهذا الذي ذكرناه حكم . 
فأما الديانة فإن كان وطئها وحصنها ولم يعزل عنها يلزمه أن يعترف به ، ويدعى لأن الظاهر أن الولد منه ، وإن عزل عنها أو لم يحصنها جاز له أن ينفيه ; لأن هذا الظاهر يقابله ظاهر آخر ، هكذا روي عن  أبي حنيفة  رحمه الله . 
وفيه روايتان أخريان عن  أبي يوسف    . 
وعن  محمد  رحمهما اللهذكرناهما في كفاية المنتهى ( فإن زوجها  [ ص: 41 ] فجاءت بولد  فهو في حكم أمه ) لأن حق الحرية يسري إلى الولد كالتدبير ، ألا ترى أن ولد الحرة حر وولد القنة رقيق ( والنسب يثبت من الزوج ) لأن الفراش له ، وإن كان النكاح فاسدا إذ الفاسد ملحق بالصحيح في حق الأحكام ، ولو  [ ص: 42 ] ادعاه المولى لا يثبت نسبه منه ; لأنه ثابت النسب من غيره ويعتق الولد وتصير أمه أم ولد لا لإقراره . 
     	
		  [ ص: 39 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					