[ ص: 176 ] كتاب السرقة
السرقة في اللغة : أخذ الشيء من الغير على سبيل الخفية والاستسرار ، ومنه استراق السمع . قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=18إلا من استرق السمع }وقد زيدت عليه أوصاف في الشريعة على ما يأتيك بيانه إن شاء الله تعالى ، والمعنى اللغوي مراعى فيها ابتداء وانتهاء أو ابتداء لا غير ; كما إذا نقب الجدار على الاستسرار وأخذ المال من المالك مكابرة على الجهار ، وفي الكبرى : أعني قطع الطريق مسارقة عين الإمام ; لأنه هو المتصدي لحفظ الطريق بأعوانه ، وفي الصغرى : مسارقة عين المالك أو من يقوم مقامه .
قال : ( وإذا
nindex.php?page=treesubj&link=10104_10101_10182_10168_10096_10095_10094سرق العاقل البالغ عشرة دراهم أو ما يبلغ قيمته عشرة دراهم مضروبة من حرز لا شبهة فيه وجب عليه القطع ) والأصل فيه قوله تعالى: {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما }} الآية ، ولا بد من اعتبار العقل والبلوغ لأن الجناية لا تتحقق دونهما والقطع جزاء الجناية ولا بد من التقدير بالمال الخطير ، لأن الرغبات تفتر في الحقير ، وكذا أخذه لا يخفى فلا يتحقق ركنه ولا حكمة الزجر لأنها فيما يغلب ، والتقدير بعشرة دراهم مذهبنا وعند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله التقدير بربع دينار .
وعند
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رحمه الله بثلاثة دراهم .
لهما : أن القطع على عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام ما كان إلا في ثمن المجن ، وأقل
[ ص: 177 ] ما نقل في تقديره ثلاثة دراهم والأخذ بالأقل وهو المتيقن به أولى ، غير أن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله يقول : كانت قيمة الدينار على عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام اثنتي عشر درهما والثلاثة ربعها .
ولنا : أن الأخذ بالأكثر في هذا الباب أولى احتيالا لدرء الحد وهذا لأن في الأقل شبهة عدم الجناية وهي دارئة للحد ، وقد تأيد ذلك بقوله عليه الصلاة والسلام : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=66571لا قطع إلا في دينار أو عشرة دراهم }" واسم الدراهم ينطلق على المضروبة عرفا ; فهذا يبين لك اشتراط
[ ص: 178 ] المضروب كما قال في الكتاب ، وهو ظاهر الرواية وهو الأصح رعاية لكمال الجناية ، حتى لو
nindex.php?page=treesubj&link=10172_10187_10186_10182سرق عشرة تبرا قيمتها أنقص من عشرة مضروبة لا يجب القطع ، والمعتبر وزن سبعة مثاقيل ; لأنه هو المتعارف في عامة البلاد ، وقوله : أو ما يبلغ قيمته عشرة دراهم ، إشارة إلى أن غير الدراهم تعتبر قيمته بها وإن كان ذهبا ، ولا بد من حرز لا شبهة فيه لأن الشبهة دارئة وسنبينه من بعد إن شاء الله تعالى .
[ ص: 176 ]
[ ص: 176 ] كِتَابُ السَّرِقَةِ
السَّرِقَةُ فِي اللُّغَةِ : أَخْذُ الشَّيْءِ مِنْ الْغَيْرِ عَلَى سَبِيلِ الْخُفْيَةِ وَالِاسْتِسْرَارِ ، وَمِنْهُ اسْتِرَاقُ السَّمْعِ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=18إلَّا مَنْ اسْتَرَقَ السَّمْعَ }وَقَدْ زِيدَتْ عَلَيْهِ أَوْصَافٌ فِي الشَّرِيعَةِ عَلَى مَا يَأْتِيك بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، وَالْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ مُرَاعًى فِيهَا ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً أَوْ ابْتِدَاءً لَا غَيْرُ ; كَمَا إذَا نَقَبَ الْجِدَارَ عَلَى الِاسْتِسْرَارِ وَأَخَذَ الْمَالَ مِنْ الْمَالِكِ مُكَابَرَةً عَلَى الْجِهَارِ ، وَفِي الْكُبْرَى : أَعْنِي قَطْعَ الطَّرِيقِ مُسَارَقَةُ عَيْنِ الْإِمَامِ ; لِأَنَّهُ هُوَ الْمُتَصَدِّي لِحِفْظِ الطَّرِيقِ بِأَعْوَانِهِ ، وَفِي الصُّغْرَى : مُسَارَقَةُ عَيْنِ الْمَالِكِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ .
قَالَ : ( وَإِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=10104_10101_10182_10168_10096_10095_10094سَرَقَ الْعَاقِلُ الْبَالِغُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ أَوْ مَا يَبْلُغُ قِيمَتُهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مَضْرُوبَةً مِنْ حِرْزٍ لَا شُبْهَةَ فِيهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَطْعُ ) وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى: {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا }} الْآيَةَ ، وَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ الْعَقْلِ وَالْبُلُوغِ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ لَا تَتَحَقَّقُ دُونَهُمَا وَالْقَطْعُ جَزَاءُ الْجِنَايَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ التَّقْدِيرِ بِالْمَالِ الْخَطِيرِ ، لِأَنَّ الرَّغَبَاتِ تَفْتُرُ فِي الْحَقِيرِ ، وَكَذَا أَخْذُهُ لَا يَخْفَى فَلَا يَتَحَقَّقُ رُكْنُهُ وَلَا حِكْمَةُ الزَّجْرِ لِأَنَّهَا فِيمَا يَغْلِبُ ، وَالتَّقْدِيرُ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ مَذْهَبُنَا وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ التَّقْدِيرُ بِرُبْعِ دِينَارٍ .
وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ .
لَهُمَا : أَنَّ الْقَطْعَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَا كَانَ إلَّا فِي ثَمَنِ الْمِجَنِّ ، وَأَقَلُّ
[ ص: 177 ] مَا نُقِلَ فِي تَقْدِيرِهِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَالْأَخْذُ بِالْأَقَلِّ وَهُوَ الْمُتَيَقَّنُ بِهِ أَوْلَى ، غَيْرَ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ : كَانَتْ قِيمَةُ الدِّينَارِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ اثْنَتَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا وَالثَّلَاثَةُ رُبْعُهَا .
وَلَنَا : أَنَّ الْأَخْذَ بِالْأَكْثَرِ فِي هَذَا الْبَابِ أَوْلَى احْتِيَالًا لِدَرْءِ الْحَدِّ وَهَذَا لِأَنَّ فِي الْأَقَلِّ شُبْهَةَ عَدَمِ الْجِنَايَةِ وَهِيَ دَارِئَةٌ لِلْحَدِّ ، وَقَدْ تَأَيَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=66571لَا قَطْعَ إلَّا فِي دِينَارٍ أَوْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ }" وَاسْمُ الدَّرَاهِمِ يَنْطَلِقُ عَلَى الْمَضْرُوبَةِ عُرْفًا ; فَهَذَا يُبَيِّنُ لَك اشْتِرَاطَ
[ ص: 178 ] الْمَضْرُوبِ كَمَا قَالَ فِي الْكِتَابِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ رِعَايَةً لِكَمَالِ الْجِنَايَةِ ، حَتَّى لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=10172_10187_10186_10182سَرَقَ عَشَرَةً تِبْرًا قِيمَتُهَا أَنْقَصُ مِنْ عَشَرَةٍ مَضْرُوبَةً لَا يَجِبُ الْقَطْعُ ، وَالْمُعْتَبَرُ وَزْنُ سَبْعَةِ مَثَاقِيلَ ; لِأَنَّهُ هُوَ الْمُتَعَارَفُ فِي عَامَّةِ الْبِلَادِ ، وَقَوْلُهُ : أَوْ مَا يَبْلُغُ قِيمَتُهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ ، إشَارَةٌ إلَى أَنَّ غَيْرَ الدَّرَاهِمِ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ بِهَا وَإِنْ كَانَ ذَهَبًا ، وَلَا بُدَّ مِنْ حِرْزٍ لَا شُبْهَةَ فِيهِ لِأَنَّ الشُّبْهَةَ دَارِئَةٌ وَسَنُبَيِّنُهُ مِنْ بَعْدُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
[ ص: 176 ]