قال : ( وإذا قطع السارق والعين قائمة في يده ردت إلى صاحبها ) لبقائها على ملكه ( وإن كانت مستهلكة لم يضمن ) وهذا الإطلاق يشمل الهلاك والاستهلاك ، وهو رواية أبي يوسف رحمه الله عن أبي حنيفة رحمه الله وهو المشهور ، وروى الحسن عنه أنه يضمن بالاستهلاك ، وقال الشافعي رحمه الله : يضمن فيهما لأنهما حقان قد اختلف مسبباهما فلا يمتنعان فالقطع حق الشرع .
وسببه ترك الانتهاء عما نهي عنه ، والضمان حق العبد وسببه أخذ المال فصار كاستهلاك صيد مملوك في الحرم أو شرب خمر مملوكة لذمي .
ولنا : قوله عليه الصلاة والسلام : { لا غرم على السارق بعدما قطعت يمينه }" ولأن وجوب الضمان ينافي القطع لأنه يتملكه بأداء الضمان مستندا إلى وقت الأخذ فتبين أنه ورد على ملكه ، فينتفي القطع للشبهة ، وما يؤدي إلى انتفائه فهو المنتفي ، ولأن المحل لا يبقى معصوما حقا للعبد ، إذ لو بقي لكان مباحا في نفسه فينتفي القطع للشبهة فيصير محرما حقا للشرع كالميتة ولا ضمان فيه ، إلا أن العصمة لا يظهر سقوطها في حق الاستهلاك ، لأنه فعل آخر غير السرقة ولا ضرورة في حقه ، وكذا الشبهة تعتبر فيما هو السبب دون غيره .
ووجه المشهور أن الاستهلاك إتمام المقصود فتعتبر الشبهة فيه ، وكذا يظهر سقوط العصمة في حق الضمان ; لأنه من ضرورات سقوطها في حق الهلاك لانتفاء المماثلة .
[ ص: 210 - 214 ]


