[ ص: 247 - 248 ] ( ولا يجوز أمان العبد المحجور عند أبي حنيفة رحمه الله إلا أن يأذن له مولاه في القتال . وقال محمد رحمه الله يصح )
وهو قول الشافعي رحمه الله .
وأبو يوسف رحمه الله معه في رواية ، ومع أبي حنيفة رحمه الله في رواية .
لمحمد رحمه الله قوله عليه الصلاة والسلام : { أمان العبد أمان }رواه أبو موسى الأشعري رضي الله عنه ، ولأنه مؤمن ممتنع فيصح أمانه اعتبارا [ ص: 249 ] بالمأذون له في القتال وبالمؤبد من الأمان ، فالإيمان لكونه شرطا للعبادة والجهاد عبادة ، والامتناع لتحقق إزالة الخوف به والتأثير إعزاز الدين وإقامة المصلحة في حق جماعة المسلمين إذ الكلام في مثل هذه الحالة ، وإنما لا يملك المسايفة لما فيه من تعطيل منافع المولى ولا تعطيل في مجرد القول .
ولأبي حنيفة رحمه الله أنه محجور عن القتال فلا يصح أمانه ; لأنهم لا يخافونه فلم يلاق الأمان محله ، بخلاف المأذون له في القتال ; لأن الخوف منه متحقق ولأنه إنما لا يملك المسايفة لما أنه تصرف في حق المولى على وجه لا يعرى عن احتمال الضرر في حقه .
والأمان نوع قتال وفيه ما ذكرناه لأنه قد يخطئ بل هو الظاهر ، وفيه سد باب الاستغنام بخلاف المأذون لأنه رضي به والخطأ نادر لمباشرته القتال ، وبخلاف المؤيد لأنه خلف عن الإسلام فهو بمنزلة الدعوة إليه ، ولأنه مقابل بالجزية ولأنه مفروض عند مسألتهم ذلك وإسقاط العرض نفع فافترقا .
ولو أمن الصبي وهو لا يعقل لا يصح كالمجنون وإن كان يعقل وهو محجور عن القتال فعلى الخلاف ، وإن كان مأذونا له في القتال فالأصح أنه يصح بالاتفاق ، والله أعلم بالصواب .


