الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 532 - 533 ] قال : ( ولا يجوز السلم حتى يكون المسلم فيه موجودا من حين العقد إلى حين المحل حتى لو كان منقطعا عند العقد موجودا عن المحل أو على العكس أو منقطعا فيما بين ذلك لا يجوز ) وقال الشافعي رحمه الله : يجوز إذا كان [ ص: 534 ] موجودا وقت المحل لوجود القدرة على التسليم حال وجوبه . ولنا قوله عليه الصلاة والسلام : " { لا تسلفوا في الثمار حتى يبدو صلاحها }" ولأن القدرة على التسليم بالتحصيل فلا بد من استمرار الوجود في مدة الأجل ليتمكن من التحصيل ( ولو انقطع بعد المحل فرب المسلم بالخيار إن شاء فسخ السلم وإن شاء انتظر وجوده ) لأن السلم قد صح والعجز الطارئ على شرف الزوال فصار كإباق المبيع قبل القبض .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث الرابع : قال عليه السلام : " { لا تسلفوا في الثمار حتى يبدو صلاحها }" ; قلت : أخرجه أبو داود ، وابن ماجه ، واللفظ له عن أبي إسحاق عن رجل نجراني ، قلت لعبد الله بن عمر : أسلم في نخل قبل أن يطلع ؟ قال : لا ، قلت : لم ؟ قال : { لأن رجلا أسلم في حديقة نخل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يطلع النخل فلم تطلع النخل شيئا ذلك العام ، فقال المشتري : هو لي حتى يطلع ، وقال البائع : إنما بعتك النخل هذه السنة ، فاختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال للبائع : أخذ من نخلك شيئا ؟ قال : لا ، قال : بم تستحل ماله ؟ اردد عليه ما أخذت منه ، ولا تسلموا في نخل حتى يبدو صلاحه } ، [ ص: 534 ] انتهى . وغفل المنذري في " مختصره " عن ابن ماجه ، فلم يعزه إليه ، وإنما قال : في إسناده رجل مجهول انتهى .

                                                                                                        وذكره عبد الحق في " أحكامه " من جهة أبي داود ، وقال إسناده منقطع انتهى .

                                                                                                        وأخرج البخاري عن أبي البختري ، قال : سألت ابن عمر عن السلم في النخل ، فقال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع النخل حتى يصلح . وعن بيع الورق نساء بناجز } ، وسألت ابن عباس عن السلم في النخل ، فقال : { نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع النخل حتى يؤكل منه }انتهى .

                                                                                                        وأخرج الطبراني في " المعجم الأوسط " حدثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو ثنا أبو اليمان ثنا جرير بن عثمان عن حبيب بن عبيد عن أبي بشر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { مطل الغني ظلم ، وإن أحالك على مليء فاحتل ، ولا تقربوا حبالى السبي حتى يضعن ، ولا تسلموا في ثمرة حتى يأمن عليها صاحبها العاهة }انتهى .

                                                                                                        ورواه في " مسند الشاميين " حدثنا أبو زرعة علي بن عباس ثنا جرير بن عثمان به . أحاديث الخصوم :

                                                                                                        واحتج ابن الجوزي في " التحقيق " للشافعي ، وأحمد على جواز السلم في المعدوم وقت العقد ، إذا كان موجودا عند المحل بحديث ابن عباس المتقدم : { من أسلف فليسلف في كيل معلوم } ، إلى آخره ، وبحديث أخرجه البخاري في " صحيحه " [ ص: 535 ] عن محمد بن أبي المجالد ، مولى بني هاشم ، قال أرسلني ابن شداد ، وأبو بردة ، وقالا : انطلق إلى ابن أبي أوفى ، فقل له : إن عبد الله بن شداد ، وأبا بردة يقرئانك السلام ، ويقولان : هل كنتم تسلفون في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في البر والشعير والزيت ؟ قال : نعم { كنا نصيب غنائم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنسلفها في البر والشعير والزيت والتمر } ، فقلت : عند من كان له زرع ، أو عند من لم يكن له زرع ؟ فقال : ما كنا نسألهم عن ذلك ، فقالا : انطلق إلى عبد الرحمن بن أبزى فاسأله ، فانطلق فسأله ، فقال مثل ما قال ابن أبي أوفى . انتهى . وكان وجه الدلالة من الأول أنه استقصى شرائط السلم فيه ، ولم يذكر فيه وجوده عند العقد ، والمحل ; ومن الثاني ترك الاستقصاء ، فإنه قال : ما كنا نسألهم عن ذلك ، والله أعلم .




                                                                                                        الخدمات العلمية