قال : ( يجوز بيع الرطب بالتمر مثلا بمثل عند أبي حنيفة رحمه الله ) [ ص: 515 ] وقالا : لا يجوز لقوله عليه الصلاة والسلام حين سئل عنه : " { أوينقص إذا جف ؟ فقيل نعم ، فقال عليه الصلاة والسلام : لا إذا }" . [ ص: 516 - 518 ] له أن الرطب تمر لقوله عليه الصلاة والسلام حين أهدى إليه رطبا : " { أوكل تمر خيبر هكذا }" سماه تمرا ، وبيع التمر بمثله جائز لما روينا ، ولأنه لو كان تمرا [ ص: 519 ] جاز البيع بأول الحديث ، وإن كان غير تمر فبآخره ، وهو قوله عليه الصلاة والسلام : " { إذا اختلف النوعان فبيعوا كيف شئتم }" ومدار ما روياه على زيد بن عياش ، وهو ضعيف عند النقلة .
قال : ( وكذلك العنب بالزبيب ) يعني على هذا الخلاف والوجه ما بيناه ، وقيل لا يجوز بالاتفاق اعتبارا بالحنطة المقلية بغير المقلية والرطب بالرطب يجوز متماثلا كيلا عندنا لأنه بيع التمر بالتمر ، وكذا بيع الحنطة الرطبة أو المبلولة بمثلها أو باليابسة أو التمر أو الزبيب المنقع بالمنقع منهما متماثلا عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله. وقال محمد رحمه الله : لا يجوز جميع ذلك لأنه يعتبر المساواة في أعدل الأحوال وهو المال ، وأبو حنيفة رحمه الله يعتبر في الحال ، وكذا أبو يوسف رحمه الله عملا بإطلاق الحديث إلا أنه ترك هذا الأصل في بيع الرطب بالتمر لما رويناه لهما . ووجه الفرق لمحمد رحمه الله بين هذه الفصول وبين الرطب بالرطب أن التفاوت فيما يظهر مع بقاء البدلين على الاسم الذي عقد عليه العقد ، وفي الرطب بالتمر مع بقاء أحدهما على ذلك ، فيكون تفاوتا في عين المعقود عليه ، وفي الرطب بالرطب التفاوت بعد زوال ذلك الاسم ، فلم يكن تفاوتا في المعقود عليه فلا يعتبر ; ولو باع البسر بالتمر متفاضلا لا يجوز لأن البسر تمر ، بخلاف الكفرى حيث يجوز بيعه بما شاء من التمر اثنان بواحد لأنه ليس بتمر فإن هذا الاسم له من أول ما تنعقد صورته لا قبله والكفرى عددي متفاوت حتى لو باع التمر به نسيئة لا يجوز للجهالة .


