فصل : [ القسم المختلف فيه ]  
وأما القسم المختلف فيه : فهو  الطلاق بعد الدخول لمن سمي لها مهر أو لم يسم   ، فلها المهر المسمى ، أو مهر المثل إن لم يكن مسمى ، وفي وجوب المتعة لها قولان :  
أحدهما - وهو قوله في القديم ، وبه قال  أبو حنيفة      - : لا متعة لها ؛ لأن الله تعالى أوجب المتعة بشرطين هما : عدم المهر ، وعدم الدخول ، فلم يجز أن يجب بفقدهما ، ولأنه نكاح لم يخل من عوض فلم يجب فيه متعة كالمطلقة قبل الدخول إذا كان لها مهر مسمى ؛ ولأنه لما لم يجب لها متعة إذا استحقت نصف المهر ، فأولى ألا يجب لها متعة إذا استحقت جميع المهر ؛ ولأن استحقاق المتعة ؛ لئلا تصير مبتذلة بغير عوض ، وقد صارت إلى عوض ، فلم يجمع لها بين عوضين .  
والقول الثاني - وهو قوله في الجديد - لها المتعة ؛ لقول الله تعالى :  وللمطلقات متاع بالمعروف      [ البقرة : 231 ] فكان على عمومه إلا ما خصه الدليل في المطلقة قبل الدخول ، وليس لها مهر مسمى .  
فإن قيل : فهذه الآية مجملة فسرها قوله تعالى :  لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة      [ البقرة : 236 ] .  
قيل : حمل الآيتين على عموم وخصوص أولى من حملها على مجمل ومفسر ؛ لأن العموم يمكن استعماله بنفسه ، والمجمل لا يمكن استعماله بنفسه ، ولقوله تعالى في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم :  فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا      [ الأحزاب : 28 ] وفيه تقديم وتأخير ، وتقديره : فتعالين أسرحكن وأمتعكن ، وقد كن كلهن مدخولات بهن ، فدل على وجوب المتعة للمدخول بها ، ولأنه إجماع الصحابة أن المتعة لكل مطلقة إلا التي طلقت قبل الدخول ، ولم يفرض لها مهر .  
 [ ص: 549 ] وروي ذلك عن  عمر   وابن عمر   ، وليس يعرف لهما في الصحابة مخالف ؛ ولأنه طلاق لم يسقط به شيء من المهر ، فجاز أن تجب لها المتعة كالمطلقة قبل الفرض ، وقبل الدخول .  
ولأن استكمال المهر في مقابلة الدخول بدليل استحقاقه بوطء الشبهة ، فاقتضى أن يستحق في مقابلة العقد الذي ابتذلت به بدل ، وهو المتعة .  
ولأن النكاح الصحيح أغلظ من النكاح الفاسد في استحقاق العوض ، بدليل أنها في النكاح الصحيح تستحق بالطلاق فيه قبل الدخول من العوض ما لا تستحقه في النكاح الفاسد ، فوجب أن تستحق بالطلاق فيه بعد الدخول من المتعة مع مهر ما لا تستحقه في النكاح الفاسد .  
ولو سقطت المتعة ، وقد استويا في المهر لم يتغلظ في العوض ، فإذا تقرر توجيه القولين ، فعلى القديم منهما : لا متعة إلا لمطلقة واحدة وهي المطلقة قبل الدخول ، وليس لها مهر مسمى .  
وعلى الجديد : المتعة واجبة لكل مطلقة ، إلا لمطلقة واحدة ، وهي المطلقة قبل الدخول ولها مهر مسمى .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					