مسألة : قال
الشافعي - رضي الله عنه - : " وفي ذلك دلالة أن
nindex.php?page=treesubj&link=12342ليس على الزوج أن يلتعن حتى تطلب المقذوفة ، كما
nindex.php?page=treesubj&link=26481ليس على قاذف الأجنبية حد حتى تطلب حدها " .
قال
الماوردي : اختلف العلماء في
nindex.php?page=treesubj&link=10536_10526_10481حد القذف على خمسة مذاهب :
أحدهما : وهو مذهب
الشافعي : أنه من حقوق الآدميين ، لا يجب إلا بالمطالبة ويسقط بالعفو وينتقل إلى الورثة بالموت .
والثاني : وهو مذهب
الحسن البصري : أنه من حقوق الله تعالى المحصنة يجب بغير مطالبة ، ولا يسقط بالعفو .
والثالث : وهو مذهب
أبي حنيفة : أنه من حقوق الله المحصنة ؛ لأنه لا يجب إلا بالمطالبة ، ولا يسقط بالعفو ولا ينتقل إلى الورثة بالموت .
[ ص: 10 ] والرابع : وهو مذهب
أبي يوسف : أنه حق مشترك بين حق الله تعالى وحق الآدمي لا يجب إلا بالمطالبة ويسقط بالعفو .
والخامس : وهو مذهب
مالك : أنه من الحقوق المشتركة بين حق الله تعالى وحق الآدمي ، فإن سمعه الإمام وشاهدان وجب بغير مطالبة ، وإن سمعه الإمام وحده لم يجب إلا بالمطالبة ، ويجوز العفو عنه قبل الترافع إلى الإمام ، ولا يجوز العفو عنه بعد الترافع إليه .
واستدل
أبو حنيفة ومن ذهب إلى أنه من حقوق الله تعالى بقوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة [ النور : 4 ] وهذا خطاب متوجه إلى أولي الأمر من الأئمة والحكام ، وكل خطاب توجه من الله تعالى إليهم في حق ، كان ذلك الحق من حقوق الله تعالى لا من حقوق الآدميين كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=2الزانية والزاني فاجلدوا [ النور : 2 ]
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38والسارق والسارقة فاقطعوا [ المائدة : 38 ] ولأنه حق لا ينتقل إلى مال فوجب ألا يكون من حقوق الآدميين كالزنا .
ولأنه حد يفرق على جميع البدن فأشبه حد الخمر ، ولأنه لو كان من حقوق الآدميين لوجب إذا قذف الإنسان نفسه فقال : زنيت أن لا يحد ؛ لأنه لا يصح أن يثبت له على نفسه حق ، فلما وجب عليه الحد في قذفه ثبت أنه من حقوق الله تعالى ، ودليلنا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924198ألا إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا .
ووجه الدليل منه : أنه أضاف أعراضنا إلينا كإضافة دمائنا وأموالنا ، ثم كان ما وجب في الدماء والأموال من حقوق الآدميين ، فكذلك ما وجب في الأعراض .
وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924199أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم كان إذا خرج من منزله يقول : اللهم إني قد تصدقت بعرضي على عبادك . فدل هذا الخبر على أن ما وجب عن عرضه من حقه ، ودل على صحة عفوه .
ومن القياس أنه حق على بدن إذا ثبت بالاعتراف لم يسقط بالرجوع ، فوجب أن يكون من حقوق الآدميين كالقصاص .
وقياس ثان : أنه حق لا يستوفيه الإمام إلا بعد المطالبة ، فوجب أن يكون من حقوق
[ ص: 11 ] الآدميين كالديون ، فإن قالوا : ينتقض بالقطع في السرقة ولا يستوفى إلا بالمطالبة ، ثم هو من حقوق الله تعالى : قيل فيه وجهان :
أحدهما : وهو قول
أبي إسحاق المروزي أنه يجوز للإمام أن يقطع السارق من غير مطالبة إذا ثبت عنده سرقته ، فعلى هذا سقط السؤال .
والثاني : وهو مذهب
الشافعي أنه لا يقطع إلا بالمطالبة بالمال لا بالقطع ، والتعليل موضوع على أن ما لا يستوفى إلا بالمطالبة فهو من حقوق الآدميين .
فلم يدخل عليه القطع في السرقة .
وقياس ثالث : وهو أنه معنى وضع لرفع المعرة ، فوجب أن يكون من حقوق الآدميين كطلب الكفارة في المناكح ، ولأن الدعوى فيه مسموعة واليمين فيه مستحقة ، وحقوق الله تعالى لا تسمع فيها الدعوى ولا تستحق فيها الأيمان .
أما الجواب عن قولهم : إن الخطاب في استيفائه متوجه إلى الولاة من الأئمة والحكام ، فهو أن المقصود بخطابهم ، أن يقوموا باستيفائها لمستحقيها لأنهم إما أن يعجزوا عنها إن ضعفوا ، أو يتعدوا فيها إن قووا ، فكان استيفاء الولاة لها أعدل .
فأما الجواب عن قياسهم على حد الزنا والخمر فهو المعارضة في معنى الأصل ، إما بأنه يسقط بالرجوع بعد الاعتراف ، وإما بأنه يستوفى من غير طلب ، فخالفه حد القذف الذي لا يسقط بالرجوع بعد الاعتراف ولا يستوفى إلا بالمطالبة .
وأما الجواب عن قولهم : إنه لما وجب عليه الحد في قذف نفسه كان من حقوق الله تعالى ، فهو أن حد القذف لا يجب عليه في قذف نفسه ، وإنما يصير بقذف نفسه مقرا بالزنا فلزمه حده دون القذف ، وحد الزنا لله تعالى فكان مأخوذا به . وحد القذف لنفسه فكان ساقطا عنه .
مَسْأَلَةٌ : قَالَ
الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : " وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=12342لَيْسَ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَلْتَعِنَ حَتَى تَطْلُبَ الْمَقْذُوفَةُ ، كَمَا
nindex.php?page=treesubj&link=26481لَيْسَ عَلَى قَاذِفِ الْأَجْنَبِيَّةِ حَدٌّ حَتَّى تَطْلُبَ حَدَّهَا " .
قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=10536_10526_10481حَدِّ الْقَذْفِ عَلَى خَمْسَةِ مَذَاهِبَ :
أَحَدُهُمَا : وَهُوَ مَذْهَبُ
الشَّافِعِيِّ : أَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ ، لَا يَجِبُ إِلَّا بِالْمُطَالَبَةِ وَيَسْقُطُ بِالْعَفْوِ وَيَنْتَقِلُ إِلَى الْوَرَثَةِ بِالْمَوْتِ .
وَالثَّانِي : وَهُوَ مَذْهَبُ
الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ : أَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى الْمُحَصَّنَةِ يَجِبُ بِغَيْرِ مُطَالَبَةٍ ، وَلَا يَسْقُطُ بِالْعَفْوِ .
وَالثَّالِثُ : وَهُوَ مَذْهَبُ
أَبِي حَنِيفَةَ : أَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ الْمُحَصَّنَةِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ إِلَّا بِالْمُطَالَبَةِ ، وَلَا يَسْقُطُ بِالْعَفْوِ وَلَا يَنْتَقِلُ إِلَى الْوَرَثَةِ بِالْمَوْتِ .
[ ص: 10 ] وَالرَّابِعُ : وَهُوَ مَذْهَبُ
أَبِي يُوسُفَ : أَنَّهُ حَقٌّ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقِّ الْآدَمِيِّ لَا يَجِبُ إِلَّا بِالْمُطَالَبَةِ وَيَسْقُطُ بِالْعَفْوِ .
وَالْخَامِسُ : وَهُوَ مَذْهَبُ
مَالِكٍ : أَنَّهُ مِنَ الْحُقُوقِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقِّ الْآدَمِيِّ ، فَإِنْ سَمِعَهُ الْإِمَامُ وَشَاهِدَانِ وَجَبَ بِغَيْرِ مُطَالَبَةٍ ، وَإِنْ سَمِعَهُ الْإِمَامُ وَحْدَهُ لَمْ يَجِبْ إِلَّا بِالْمُطَالَبَةِ ، وَيَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْهُ قَبْلَ التَّرَافُعِ إِلَى الْإِمَامِ ، وَلَا يَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْهُ بَعْدَ التَّرَافُعِ إِلَيْهِ .
وَاسْتَدَلَّ
أَبُو حَنِيفَةَ وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً [ النُّورِ : 4 ] وَهَذَا خِطَابٌ مُتَوَجَّهٌ إِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَالْحُكَّامِ ، وَكُلُّ خِطَابٍ تُوُجِّهَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى إِلَيْهِمْ فِي حَقٍّ ، كَانَ ذَلِكَ الْحَقُّ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى لَا مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=2الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا [ النُّورِ : 2 ]
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا [ الْمَائِدَةِ : 38 ] وَلِأَنَّهُ حَقٌّ لَا يَنْتَقِلُ إِلَى مَالٍ فَوَجَبَ أَلَّا يَكُونَ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ كَالزِّنَا .
وَلِأَنَّهُ حَدٌّ يُفَرَّقُ عَلَى جَمِيعِ الْبَدَنِ فَأَشْبَهَ حَدَّ الْخَمْرِ ، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ لَوَجَبَ إِذَا قَذَفَ الْإِنْسَانُ نَفْسَهُ فَقَالَ : زَنَيْتُ أَنْ لَا يُحَدَّ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَثْبُتَ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ حَقٌّ ، فَلَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِي قَذْفِهِ ثَبَتَ أَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَدَلِيلُنَا قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924198أَلَا إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا .
وَوَجْهُ الدَّلِيلِ مِنْهُ : أَنَّهُ أَضَافَ أَعْرَاضَنَا إِلَيْنَا كَإِضَافَةِ دِمَائِنَا وَأَمْوَالِنَا ، ثُمَّ كَانَ مَا وَجَبَ فِي الدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ ، فَكَذَلِكَ مَا وَجَبَ فِي الْأَعْرَاضِ .
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924199أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكُونَ كَأَبِي ضَمْضَمٍ كَانَ إِذَا خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ يَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ تَصَدَّقْتُ بِعِرْضِي عَلَى عِبَادِكَ . فَدَلَّ هَذَا الْخَبَرُ عَلَى أَنَّ مَا وَجَبَ عَنْ عَرْضِهِ مِنْ حَقِّهِ ، وَدَلَّ عَلَى صِحَّةِ عَفْوِهِ .
وَمِنَ الْقِيَاسِ أَنَّهُ حَقٌّ عَلَى بَدَنٍ إِذَا ثَبَتَ بِالِاعْتِرَافِ لَمْ يَسْقُطْ بِالرُّجُوعِ ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ كَالْقِصَاصِ .
وَقِيَاسٌ ثَانٍ : أَنَّهُ حَقٌّ لَا يَسْتَوْفِيهِ الْإِمَامُ إِلَّا بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مِنْ حُقُوقِ
[ ص: 11 ] الْآدَمِيِّينَ كَالدُّيُونِ ، فَإِنْ قَالُوا : يُنْتَقَضُ بِالْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ وَلَا يُسْتَوْفَى إِلَّا بِالْمُطَالَبَةِ ، ثُمَّ هُوَ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى : قِيلَ فِيهِ وَجْهَانِ :
أَحَدُهُمَا : وَهُوَ قَوْلُ
أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنَّ يَقْطَعَ السَّارِقَ مِنْ غَيْرِ مُطَالَبَةٍ إِذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ سَرِقَتُهُ ، فَعَلَى هَذَا سَقَطَ السُّؤَالُ .
وَالثَّانِي : وَهُوَ مَذْهَبُ
الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ إِلَّا بِالْمُطَالَبَةِ بِالْمَالِ لَا بِالْقَطْعِ ، وَالتَّعْلِيلُ مَوْضُوعٌ عَلَى أَنَّ مَا لَا يُسْتَوْفَى إِلَّا بِالْمُطَالَبَةِ فَهُوَ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ .
فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ الْقَطْعُ فِي السَّرِقَةِ .
وَقِيَاسٌ ثَالِثٌ : وَهُوَ أَنَّهُ مَعْنًى وُضِعَ لِرَفْعِ الْمَعَرَّةِ ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ كَطَلَبِ الْكَفَّارَةِ فِي الْمَنَاكِحِ ، وَلِأَنَّ الدَّعْوَى فِيهِ مَسْمُوعَةٌ وَالْيَمِينَ فِيهِ مُسْتَحَقَّةٌ ، وَحُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى لَا تُسْمَعُ فِيهَا الدَّعْوَى وَلَا تُسْتَحَقُّ فِيهَا الْأَيْمَانُ .
أَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمْ : إِنَّ الْخِطَابَ فِي اسْتِيفَائِهِ مُتَوَجَّهٌ إِلَى الْوُلَاةِ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَالْحُكَّامِ ، فَهُوَ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِخِطَابِهِمْ ، أَنْ يَقُومُوا بِاسْتِيفَائِهَا لِمُسْتَحِقِّيهَا لِأَنَّهُمْ إِمَّا أَنْ يَعْجِزُوا عَنْهَا إِنْ ضَعُفُوا ، أَوْ يَتَعَدُّوا فِيهَا إِنْ قَوَوْا ، فَكَانَ اسْتِيفَاءُ الْوُلَاةِ لَهَا أَعْدَلَ .
فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى حَدِّ الزِّنَا وَالْخَمْرِ فَهُوَ الْمُعَارَضَةُ فِي مَعْنَى الْأَصْلِ ، إِمَّا بِأَنَّهُ يَسْقُطُ بِالرُّجُوعِ بَعْدَ الِاعْتِرَافِ ، وَإِمَّا بِأَنَّهُ يُسْتَوْفَى مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ ، فَخَالَفَهُ حَدُّ الْقَذْفِ الَّذِي لَا يَسْقُطُ بِالرُّجُوعِ بَعْدَ الِاعْتِرَافِ وَلَا يُسْتَوْفَى إِلَّا بِالْمُطَالَبَةِ .
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمْ : إِنَّهُ لَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِي قَذْفِ نَفْسِهِ كَانَ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى ، فَهُوَ أَنَّ حَدَّ الْقَذْفِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي قَذْفِ نَفْسِهِ ، وَإِنَّمَا يَصِيرُ بِقَذْفِ نَفْسِهِ مُقِرًّا بِالزِّنَا فَلَزِمَهُ حَدُّهُ دُونَ الْقَذْفِ ، وَحَدُّ الزِّنَا لِلَّهِ تَعَالَى فَكَانَ مَأْخُوذًا بِهِ . وَحَدُّ الْقَذْفِ لِنَفْسِهِ فَكَانَ سَاقِطًا عَنْهُ .